{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، رحم الله الفقيد الكبير الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود. في الحقيقة إن الإنسان يجد نفسه مفتقداً للكلمات المعبرة عن أحاسيسه ومشاعره، فعندما قرأت بيان الديوان الملكي الذي بثته وكالة الأنباء السعودية تفاجأت بحق نظراً لما يتمتع به سموه من صحة جيدة لم تكن محرجة، وقد أطبق عليَّ وجم وذهول وبدأت أكرر قراءة الرسالة غير مصدق ودخلت في تداعيات ذهنية أعاقت من حركتي البدنية، هذه المشاعر أجزم أنه شاطرني بها كل من يعرف الأمير الفقيد. إنها والله رزية كبيرة تذكرني بقول الشاعر:
لعمرك ما الرزية فقْد مال
ولا شاة تموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد حُر
يموت بموته خلق كثير
فسمو الأمير نايف - رحمه الله - رجل رحيم كريم سخي يعطف على الفقراء والمحتاجين ويبادر برعاية المنكوبين.. وسموه رجل الأمن الأول بمفهومه الشامل (الوقائي - الاجتماعي - الشرطي)، وهو أمير الحكمة حيث يتصف ببُعد النظر والشمولية في المعالجة والقدرة على فهم أدق تفاصيل الأمور، كما أنه يتمتع دائماً بالهدوء ورباطة الجأش والروية الصائبة وهو قيادي حازم متخذاً للقرارات حاسماً في ساعات الحسم.. أقول هذا من خلال خبرتي لأكثر من عشرين عاماً بالعمل بوزارة الداخلية حيث تأتي توجيهاته دائماً - رحمه الله - واضحة، تجده ليناً من غير ضعف في مواقع اللين قوياً من غير شدة في مواقع القوة يغضب في حالة التعدي أو التطاول على قيم ومبادئ الدين والأخلاق، منافح عن السنة النبوية، له معرفة لا تُضاهى بالرجال.. خبرته الطويلة في الإشراف على مهام كبيرة كمهمة الحج والتي أجزم أنه لا تدانيها مهمة على مستوى العالم وذلك من خلال ترؤس سموه للجنة الحج العليا وكذلك إشرافه على ملفات شائكة مثل ملف مكافحة الإرهاب والأمن الفكري تجعلنا نحزن على فراق هذا الفقيد الغالي لا سيما في هذه الظروف الاستثنائية.
وزارة الداخلية تحت توجيهات سموه - رحمه الله - نجحت في إدارة الحج كما تفوقت في برنامج تأهيل الموقوفين بقضايا إرهابية حيث تم تبني برنامج تأهيل انقسم إلى قسمين: الأول برامج المناصحة قبل المحاكمة والثاني برنامج رعايتهم بعد قضاء المحكومية، هذه البرامج أشادت بها هيئات ومنظمات دولية وعلى سبيل المثال طلبَ عددٌ من الدول الاطلاع على خبرات المملكة في إدارة الحشود كما ثمَّن مجلس الأمن الدولي الجهود السعودية في تأهيل ومناصحة الموقوفين ودعا إلى تعميمها عالميًا والاستفادة منها حيث نجحت تلك الجهود في إعادة الكثير من المُغرر بهم إلى جادة الصواب.. وهو صاحب المقولة المشهورة: الفكر لا يُعالج إلا بالفكر.
حصل سموه على العديد من الأوسمة والجوائز في عدد من المجالات وذلك تقديراً للدور الإنساني الذي يقوم به سموه كدوره المتميز في الإشراف على اللجان والحملات الإغاثية للمعوزين واللاجئين بالعالم وبالأخص الشعوب الإسلامية.
اللهم ارحم فقيدنا الكبير.. اللهم إنه ناصر أهل السنّة فاجعل ذلك في موازين حسناته وارفع درجاته في عليين.. اللهم احفظ قائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين وحكومتنا الرشيدة وشعبنا الوفي واحفظ أمن بلادنا واحبط كيد الكائدين و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.