خير خلف لخير سلف، عبارة اعتدنا ذكرها حين نفقد قائداً ومسؤولاً كبيراً، ويخلفه قائد آخر لا يقل مكانة مما سبقه، واليوم بعد قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز باختيار الأمير سلمان بن عبد العزيز ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء تتأكد العبارة وتصبح أكثر تجسيداً وصدقاً، فالفقيد الراحل الأمير نايف بن عبد العزيز -يرحمه الله- خير سلف، عمل لدينه وأمته الكثير وأخلص لمليكه ووطنه وشعبه وتفانى في عمله وحقق العديد من الإنجازات التي لا تعد ولا تحصى وخلفه الأمير سلمان بن عبد العزيز يحمل تاريخاً مضيئاً من العمل والإنجازات في خدمة الدين والأمة والمليك والوطن والشعب، منذ صغره وهو ملتصق بالعمل الوطني ومتمرس في أداء مهامه، والرجلان من مدرسة واحدة، مدرسة الملك عبدالعزيز، المدرسة التي تميزت بثبات النهج المستند على الشريعة الإسلامية والتماسك والتعاضد لعمل الخير وخدمة الشعب، مدرسة استمدت أسسها وركائزها منذ قيام الدولة السعودية من التشريع الإسلامي، تلك الركائز ثبتت ورسخت الدولة السعودية وجعلت منها نموذجاً متفرداً عن باقي الدول. وقد أثبتت الأحداث المؤلمة التي شهدتها المملكة العربية السعودية قوة النظام الأساسي والتأسيسي لهذا البلد الرائد، ففي أقل من سنة فقدت المملكة ركنين أساسيين في منظومة الحكم، وكانا يشغلان المنصب الثاني في الأهمية في تسلسل القيادة، ويديران وزارتين هامتين وأساسيتين، ومع هذا جرى تداول مناصبهما وعملهما بسلاسة وبهدوء يؤكد سلامة وصلابة منظومة الحكم.
بعد إعلان نبأ وفاة سمو الأمير نايف بن عبد العزيز -يرحمه الله- أجرت العديد من المحطات الفضائية التلفزيونية لقاءات مع المحللين السياسيين السعوديين وكنت من بينهم وكان أكثرهم يتساءلون عن كيفية وعملية اختيار ولاية العهد وهل سيثير خلافات في منظومة الحكم؟ طبعاً سؤال مثل هذا يكشف أهمية المملكة ومدى متابعة العالم لهذا البلد المحوري والهام في السياسة الدولية والإسلامية والعربية إلا أن السائلين لم يفهموا نهج وسياسة القيادة السعودية المرتكزة على ركائز ثابتة لا تتغير ولا تتأثر بالأحداث مهما كانت جسيمة، وهو ما تحقق، انتقال سلس للمهام والمسؤوليات وتأكيد على صحة النهج الذي تسير عليه القيادة السعودية في ظل إعداد مسبق واستعداد لأبناء الملك عبد العزيز الذين نهلوا من مدرسة ضربت جذورها في الوجدان والضمير المستمدين من ينبوع الإسلام الذي يمد هذه الدولة السنية بكل عناصر القوة والنمو والسؤدد.
jaser@al-jazirah.com.sa