ما يحدث حولنا من أحداث تجعلنا نحمد الله ونمجده ليل نهار على ما أنعم به علينا من نعمة الأمن والأمان، فالدول تغلي من حولنا ونحن ننعم بالاستقرار، والمؤامرات تُحاك في الخفاء بين الحلفاء ونحن ولله الحمد وعلى الرغم من المصاب الجلل الذي مر بنا في أقل من 8 أشهر بفقد اثنين من ولاة العهد ومن أركان هذا الوطن ورجالاته في هذا الوقت الحساس وفي هذه الظروف العصيبة التي يمر بها العالم سواء كان سياسياً أو اقتصادياً، إلا أننا ولله الحمد نشعر بطمأنينة كبيرة إذ إن انتقال السلطات لدينا يتم وفق آلية محكمة وفق الله القائمين عليها بوضعها، بل إن ما يُعلن من قِبل ولاة الأمر نجده غالباً موافقاً لما يعتقده معظم أفراد المجتمع فلا مفاجآت ولا قرارات غريبة، بل هي قرارات يؤيدها العقل والمنطق وليس هذا أمراً غريباً، فنظام الحكم لدينا قائم على نظام مؤسسي ثابت ساهمَ في نشر روح من الهدوء والسكينة على الرغم من عظم الفاجعة.
وفي ظل أوضاع الاستقرار التي نعيشها اليوم في وطننا وعلى الرغم من الظروف الحرجة لكثير من الدول من حولنا فإننا نلمس عِظم هذه النعمة من خلال ما نشهده من أحداث ساخنة يلعب فيها الكبار من السياسيين في بعض الدول دوراً بارزاً للتحكم في مجريات الأمور، خصوصاً تلك الدول التي مر بها الربيع وعاشت أحداثاً دامية لم تنته حتى يومنا هذا، فبعضها آمن بضرورة التغيير وبعضها ما زال يدرس آلية التغيير وبعضها يعاني من الرافضين للتغيير والذين كانوا مستفيدين من الأنظمة السابقة، وبعضها لا يزال يعاني ويدفع ثمن الحرية من دمائه الزكية يوماً بعد يوم.
ولعل أقرب مثال يمكن أن نشاهده اليوم بشأن ما يحدث من اضطراب ما يحدث في مصر الشقيقة فمنذ حدوث الثورة والإطاحة بالنظام السابق وحتى يومنا هذا فإننا نجد أن الأحداث تسير وكأنها لعبة كرة قدم بين فريقين أحدهما يبدو وكأنه يمثل النظام السابق والآخر يبدو وكأنه يمثل الثورة ويقف المجلس العسكري كالحَكَم الرئيسي الذي يظهر للجمهور أنه يدير هذه المباراة بكل حيادية وجدية ويساعده في هذا الأمر بعض الأعوان مثل المحكمة الدستورية وبعض الجهات القضائية، ولهذه المباراة دوران أحدهما ذهاب والآخر إياب، ففي مباراة الذهاب والتي تمثّل انتخاب مجلس الشعب نجح أحد الفريقين بالفوز بالمباراة واستحق نقاط المباراة كاملة بشهادة جميع الجمهور، أما مباراة الإياب والتي تمثّل كرسي الرئاسة فمن الواضح للآن - وقت كتابة المقال الأربعاء 20 يونيو2012 - أن نفس الفريق الفائز في مباراة الذهاب سيحقق الفوز في الإياب أيضاً غير أن هذه المباراة حفلت مؤخراً بأحداث غريبة، إذ ألغى مساعدو الحَكَم (المحكمة الدستورية والقضاء) نتيجة مباراة الذهاب واعتبروها باطلة وغير صحيحة ويجب إعادتها وتم إعلان ذلك قبل نهاية مباراة الإياب، ولم يكتف الأعوان بهذا الأمر فقط، بل دعموا أحد الفريقين وساندوه لمواصلة المباراة بل إن الحكم الرئيسي للمباراة قام مؤخراً بإضافة تعديلات جديدة في نظام اللعبة الأساس ودستورها وتساهم تلك التعديلات في دعم أحد الفريقين ضد الآخر.
هكذا يرغب الكبار في أن يلعبوا بآمال الشعب ويجعلوهم يعيشون في وهم بأن أهدافهم تحققت، هكذا يلعب الكبار بالدماء النقية التي سالت من أجل الحرية، وهكذا يلعب الكبار بطموحات شعب صبرَ عقوداً طويلة في سبيل تحقيق أمنياته الغالية. إنه لعب الكبار بمقدرات الشعوب، إنه لعب الأقلية ضد الأكثرية، إنه لعب الفساد ضد الطهر والنقاء، هكذا يكون لعب الكبار في هذه الأزمان.