الموت مصيبة بنص القرآن والسنة، وعند المصائب لا بد من الاسترجاع، والتوبة، وسؤال الله الأجر، والخلف. فإنا لله وإنا إليه راجعون، وله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بمقدار، ونسأله أن يعفو عنا، وأن يأجرنا في مصابنا، وأن يخلف على الأمة بأمثال فقيدنا، وخير منه.
ولقد كانت مصيبة الأمة والوطن بفقد ولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز مصيبة كبرى، يزيد من وقعها هذا الوقت العصيب الذي تمر به الأمة الإسلامية، والعربية على وجه الخصوص. ولقد كان لرحيل الفقيد المفاجئ وقعه على نفوس من يدركون حجم التربص والكيد الذي يُحيط بالأمة من أعداء كثيرين. فلقد كان - رحمه الله - سدًّا منيعاً في وجه تيارات كثيرة، وكان - رحمه الله - ناصراً للسنة، قامعاً للبدعة، داعماً لمشاريع حفظ القرآن، والسنة المطهرة.
لقد كان - رحمه الله - أنموذجاً في مآثر كثيرة، فيتفق كل من التقاه، وجلس معه بأنه فذ في حسن الاستماع، وحسن المحاورة، كان يسمع كثيراً، وينصت كثيراً، وهذا مفتاح القيادة، وسر نجاح الإدارة. وكان - رحمه الله - مهاباً، تنبع هيبته من ثباته على مبادئه، وصدق قناعته بها، وما أحوج الأمة إلى ذلك الثبات، وذلك العزم في هذا الوقت الذي ذابت فيه عزائم الرجال، واتخذت السياسة مطيبة لتضييع الحق، وانتشار الباطل.
كان - رحمه الله - جلداً صبوراً على العمل لخدمة دينه ووطنه، يعمل وهو في مثل سنه عمل الشاب الفتي، اجتماعات مضنية، وساعات عمل مكتبية مرهقة، مع ما يتطلبه منصبه من لقاءات، وحضور مناسبات. وفي هذا دروس ودروس؛ لأن الحياة لا تحترم المفرطين المسوفين.
رحمك الله أبا سعود، وأسكنك فسيح جناته. وعزاؤنا لولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - ولصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - ولإخوانه، ولأبنائه، وللأسرة المالكة الكريمة، وللشعب السعودي الوفي، وللمسلمين في أصقاع المعمورة.
وإن هذه المصيبة في هذه الأيام العصيبة تستوجب صبراً، وتكاتفاً، وألفةً، وعقلاً، وحكمةً يُفوّت بها مجتمعةً على الأعداء ما يتربصون به لهذا الوطن الآمن، وبإذن الله سيبقى هذا الوطن محفوظاً ما حفظنا دينه، واستقمنا على طاعته، وتعاونا على بره وتقواه. والله غالب على أمره. وعليه التكلان، وهو على كل شيء قدير.
مستشار في وزارة التعليم العالي
dr.aldaghri@gmail.com