ما أقسى وقع النبأ العاصف بفقدان رمز مميز من الشخصيات الوطنية المميزة الذي وهب حياته كلها ليسهر ويتعب حتى يتمتع المجتمع السعودي بالأمن والأمان والاستقرار. نعم فالنبأ القاسي كان بالغياب الأبدي لعزيز يصعب على النفس الإنسانية تحمل تأثير هذا الخبر الذي ارتجف القلب لتأثير وقعها العميق على كل إنسان عاش في بلادنا الغالية وهو ينعم بنعمة الأمن وصيانة حقوقه وحريته، مواطناً كان أو وافداً كريماً بيننا. فكيف للعين أن لا تدمع والقلب أن لا يعتصر على رحيل نايف بن عبدالعزيز آل سعود، أسكنه الله جناته وجزاه الله خيراً ومغفرة عن كل ما قدَّم من المكاسب العظيمة الخالدة التي يتمتع بها شعبنا الوفي شعب المملكة العربية السعودية.
شكل العلاقة التي تربط المجتمع السعودي بقادته وأولي الأمر فيه وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -أطال الله في عمره ومتعة بالصحة والعافية- هذه العلاقة الاجتماعية تمثل شكل العائلة الواحدة، ولا يستطيع أي إنسان مهما كان وصف العمق الاجتماعي والإنساني لهذه العلاقة المميزة، فعميد هذه العائلة السعودية الواحدة مليكنا المفدى -سلمه الله- والد كل مواطن ومقيم في بلادنا الغالية.
فشخصية فقيد الأمة تتجه وتوصف بالمهنية العالية في ترسية قواعد الأمن والأمان، وقد بذل وقته الثمين في تطوير أساليبه وآلياته، فاعتمد التعليم المهني كأساس لشخصية رجل الأمن السعودي، فطوَّر ونشَّط كليات الأمن ومعاهده المتخصصة في بلادنا الغالية، واهتمَّ بالتعليم التخصصي العالي في علوم وقواعد الأمن ومكافحة الجريمة، فأسس جامعة نايف الأمنية والتي تُعَدُّ من أشهر الجامعات الأمنية المتخصصة في الشرق الأوسط، ومنحت آلاف الدرجات العليا دكتوراه وماجستير للعديد من منتسبيها من رجال الأمن في الوطن العربي، وجاء مجلس وزراء الداخلية ومقره الدائم في تونس شهادة تقديرية لمهنية وخبرة فقيدنا الكبير في مجال الأمن العربي.
ففي مجال العمل الأمني للفقيد عمقٌ وبصمةٌ مميزة لا يمكن تحديد محيطها ونطاقها في مقالة المرثية هذه.
وأتجه هنا لناحية منيرة في شخصية الفقيد الغالي والتي اشتهرت بأنها تمثل مجمع وملتقى شيم العرب، وأسجل هنا بذكرى خاصة بي احتفظتُ بها طويلاً أثرت في عمق نفسي في وقت ضاقت الدنيا بوسعها في عيني، فقد كنت في رحلة علاجية لإصابة ولدي بعارض صحي أفقده الجزء الأكبر من العصب السمعي، وحين وجودي في لوس أنجلوس تم فقدان الشنطة المحتوية لمصاريف الرحلة، وبقينا في حيرة من أمرنا في غربة لا تعرف علاقة إلا قدر ما تملكه من نقود! وبعثت ببرقية مستعجلة عن طريق قنصلية المملكة العربية السعودية في لوس أنجلوس أعرض حالتي للفقيد الكبير راجياً النجدة والمساعدة، وفي الصباح التالي اتصل بي الأخ الصديق عبدالحميد قاري القنصل العام يبشرني بقدوم الفرج والعوض من الله سبحانه أولاً ومن نايف بن عبدالعزيز آل سعود الرمز الإنساني، وجاء الغيث مضاعفاً بالمساعدة السخية وكرم شمول ابني باللفتة الكريمة بتكفل علاجه ودراسته ومصاريفه كاملة على نفقته الخاصة حتى تخرجه من الجامعة العام الماضي بعد شفائه ولله الحمد.
رحمك الله يا نايف الخير يا أمير الأمن والأمان مع عمق العزاء وأحره نشارك فيه مليكنا المفدى خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود والأسرة المالكة الكريمة وعائلته الواسعة أبناء الشعب العربي السعودي الوفي والأمتين العربية والإسلامية. رحمك الله يا رمز الحق والعدل والإنسانية وأسكنك بإذنه تعالى جنات النعيم.
عضو هيئة الصحفيين السعوديين - جمعية الاقتصاد السعودية