رحيل صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز خسارة فادحة ليس للمملكة العربية السعودية فقط وإنما أيضاً للعالم العربي والإسلامي ولكل المحبين للسلام في أنحاء العالم.. وهذا ما عكسته تصريحات زعماء العالم في كل مكان ممن عبّروا عن حزنهم لرحيل الرجل الذي جعل في مقدمة اهتماماته مكافحة الإرهاب وإرساء الأمن والسلام في وطنه وفي العالم.
ونحن في المملكة لا نتذكر الأمير نايف كرجل أمن فقط، وإنما كرجل دولة ترك بصماته في مناشط الدولة المختلفة من خلال ملفات وطنية هامة وكثيرة كان مسؤولاً عنها، ومناصب عديدة ولجان وهيئات ومجالس تولى رئاستها على مدى العقود الطويلة الماضية.. فقد خدم وطنه منذ أن كان وكيلاً لإمارة الرياض، ثم تدرَّج في المواقع إلى أن تم اختياره ولياً للعهد، بالإضافة إلى وزارة الداخلية والمهام الأخرى التي كان تولاها.
وبالنسبة لنا، نحن الذين تشرّفنا بالعمل معه بشكل مباشر في مواقعنا المختلفة نختزن الكثير من الذكريات عن رجل الدولة نايف بن عبد العزيز. وقد عملت مع سموه أميناً لمجلس القوى العاملة عدة سنوات عندما كان رئيساً للمجلس.. فكان همه الأكبر هو «السعودة» وتوظيف المواطنين السعوديين وتنمية القوى العاملة. كما عملت مع سموه عضواً في مجلس إدارة صندوق تنمية الموارد البشرية عندما كانه سموه رئيساً للصندوق.. فكان رحمه الله يتابع أولاً بأول أعمال مجلس القوى العاملة وصندوق تنمية الموارد البشرية، ويقدم التوجيهات والدعم بشكل مستمر.
لقد كان - رحمه الله - متابعاً لقضية السعودة حتى بعد حلِّ مجلس القوى العاملة.. وما من مرة التقيت فيها بسموه، بعد ذلك، إلا وكان حديثه عن السعودة ومكافحة البطالة.. وقد آمن بضرورة ترشيد الاستقدام والحد منه إلا بقدر الحاجة، فكان من أواخر القرارات التي صدرت قبل حل المجلس وضع سقف للعمالة التي يتم استقدامها من كل بلد والحد من الاستقدام ككل خلال فترة زمنية.
لقد كان الأمير نايف بن عبد العزيز، بحق، رائد «السعودة» الأول.. وقد كان شديد التفاعل مع جائزة السعودة التي تحمل اسمه.. وهي الجائزة التي تُقدّم لأفضل الشركات في مجال توظيف السعوديين.
ورغم مشاغله - رحمه الله- فقد كان ملماً بتفاصيل قرارات «السعودة» التي صدرت عن المجلس، بما في ذلك القرارات التي صدرت قبل سنوات بعيدة.. فكان يستشهد ببعض هذه القرارت ويأتي على تفاصيلها باهتمام كبير وكأنها صدرت منذ فترة قريبة جداً.
أما دراسات القوى العاملة التي صدرت عن المجلس، فكانت محل اهتمامه - رحمه الله- حتى وهي في مرحلة الإعداد والتنفيذ ثم بعد صدورها.. واستمر هذا الاهتمام رغم تزايد مشاغله، سواء المتعلقة بالأمن أو الحكم المحلي أو الحج أو الإعلام أو غيرها من الملفات المهمة التي كان سموه مسؤولاً عنها بشكل مباشر.
وعلى صعيد علاقته - رحمه الله- مع مرؤوسيه فإن القلم يعجز عن تصوير رقي التعامل الذي يميز أسلوب الأمير نايف مع العاملين معه ومدى الاحترام الذي يمنحه سموه لهم وهامش حرية اتخاذ القرار. وهذه حقيقة يشهد بها جميع من عملوا مع الأمير نايف سواء من منسوبي وزارة الداخلية أو من الجهات الأخرى التي كان يترأسها.
سوف يفتقد الوطن كثيراً نايف بن عبد العزيز.. وسوف نتذكّر حكمته في مواقف كثيرة ليس أولها ولا آخرها قضيته الأثيرة وهي قضية الشباب و»السعودة».. رحم الله نايف بن عبد العزيز وأسكنه فسيح جناته.
alhumaid3@gmail.comص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض