الزمان: مساء من مساءات الرياض الدافئة.

المكان: شرفات قصر الحكم بوسط الرياض.

الحدث: مبايعة ولي العهد سلمان بن عبد العزيز.

المشهد: علماء ووجهاء وشباب وشيب وكل أطياف المجتمع، بل رجال جاءوا يتوكئون ويقادون من عجز ومن شيخوخة أبوا إلا أن يكونوا حاضرين ومشاركين ومبايعين.

قراءة سريعة لهذا المشهد المبهج الذي نادراً ما يتكرر في دول اليوم تنبئ عن لحمة وطنية متينة لم تغيرها عاديات الزمان ولم تهزها رياح المكان, كل العواصف التي عصفت بمن حولنا وكانت ريحاً كانت على بلادنا رياحاً حاملة ما ينبت زرع الوحدة ويدر ضرع المحبة والألفة.

ريحهم كانت عاتية اقتلعت البنيان وهزت الوجدان، ورياحنا كانت حاملة بذور انبتت خير نبات ينتظر.. نبات كثيراً ما سقيناه ورعيناه على مدى أكثر من قرن من الزمان فأنبت وأثمر وأينع.

شرفات قصر الحكم.. ذكرتني بوالدي - رحمه الله - الذي كان كثيراً ما يحدثنا عن هذا القصر وعن احداث هذا القصر وعن أول من اطل من شرفاته, حدثنا عن تاريخ جميل كان بطله رجل عظيم اسمه عبد العزيز بن عبد الرحمن هذا الرجل الذي سطر هذه اللحمة الوطنية النادرة، لا بل جذرها وقوى بنيانها بالحب لا بالجور والطغيان, جذرها في قلوب هذا الشعب بجمعهم على كلام الله لا كلام البشر, جمعهم على وحدة استقى نظامها من كتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ومن سنة سيد المرسلين، فكان هو المردد دوماً مقولته المشهورة بأن يمكن الله له ان كان فيه خير للإسلام والمسلمين، فكانت الاستجابة.

شرفات قصر الحكم.. تحكي لنا تاريخ مجيد سطره رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه قيادة وشعب على مدى أكثر من قرن من الزمان.

شرفات قصر الحكم.. منحتني نشوة نصر...نشوة فرح... نشوة ابتهاج، الجموع المتدفقة تحمل أكثر من تاريخ وأكثر من معنى وأكثر من رسالة تود ايصالها.

شرفات قصر الحكم.. أيها الشرفات الحاملة من العز أمكنه, ومن التاريخ أجمله, ومن المحبة أصفاها وأنقاها.

شرفات قصر الحكم... نجتمع حولك وتحت لواء التوحيد لنجدد البيعة ونقوي اللحمة ونثبت للعالم أجمع أننا كما كنَّا يداً واحدةً وجسداً واحداً.

شرفات قصر الحكم... تجمع القلوب وتوحد الصفوف وتجدد العهد فهي رمز قوة ووحدة وطن.

شرفات قصر الحكم... نحتفل اليوم بسلمان الحكمة والقوة واللين والحب وبعد النظر ولياً للعهد خلفاً لرجل عظيم كبير حبيب ونقول..سلمان خير خلف لخير سلف.

شرفات قصر الحكم..نطل منها على قصر المصمك... قصر البداية المدهشة.. بداية الوحدة والتوحيد.. بداية الشعب الواحد والقيادة الواحدة، بداية صنعها عبدالعزيز ورجاله الأبطال ومنذ ذلك اليوم وهذه البلاد تنعم بأكبر نعمة يسعى اليها الإنسان نعمة الأمن والإيمان، منذ ذلك التاريخ المفصلي في حياة هذا الشعب والجميع يعيش تحت مظلة واحدة هي مظلة كتاب الله وسنّة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، منذ ذلك التاريخ والأرض تزدهر والبناء يصطف والقلوب تتوحد.

شرفات قصر الحكم... بيعة لك يا أبا فهد من هذا المكان, بيعة تتجدد وتترسخ كابر عن كابر، أعانك الله وسددك وجعل التوفيق حليفك عوناً لولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين.

والله المستعان,,,