إذا قررت الذهاب للعلاج في أحد المستوصفات الخاصة في مدينة الرياض ستجد أنك أمام منظومة اقتصادية واستثمارية متطورة، فالزحام الشديد جعل أحد المستشفيات يستأجر مواقف لسيارات المراجعين بل ويقدم خدمة إيقاف السيارة، فمن المستحيل أن توقف سيارتك بنفسك بالقرب من هذا المستشفى بسبب الزحام الشديد! وكأن المستشفى يقدم خدماته الصحية مجاناً! وبشكل عام فعند دخولك إلى كثير من المستشفيات الخاصة سيذهلك وجود مئات وربما آلاف المرضى، لأن تلك المستشفيات ومن منطلق اقتصادي بسيط وجدت أن المواطن بحاجة إلى رعاية صحية لا يجدها في مستشفيات وزارة الصحة! والحقيقة أن المواطن ينطبق عليه المثل القائل: المستجير بعمر عند كربته كالمستجير من الرمضاء بالنار!! فنار أسعار المستشفيات والمستوصفات الخاصة لم تعد تُطاق ساهمَ بارتفاعها التأمين الصحي الذي يُقدم للإخوة غير السعوديين وقليل من المواطنين العاملين في القطاع الخاص! ومن يسمع ويقرأ إعلام وزارة الصحة سيعتقد أن (كل شيء تمام يا أفندم)! لكن ضعف أداء خدمات وزارة الصحة أدى إلى أن يتوجه المواطن إلى المستشفيات والمستوصفات الخاصة، يصبر على أن تكويه بنار أسعارها ليجد خدمة صحية سريعة، مع اختلاف في مستوى جودتها نظراً لقلة الإشراف عليها، فسنوياً يتم اكتشاف مئات الشهادات الصحية المزوّرة! آلاف من تلك المستوصفات ظهرت ولا يزال سوق الخدمات الصحية يستوعب المزيد منها، والسؤال البدهي: لو وجد المواطن رعاية صحية كما هو المطلوب من وزارة الصحة، هل سيتوجه إلى المستوصفات الخاصة؟!.. والجواب ببساطة أن القصور الواضح والفراغ الذي تركته وزارة الصحة سدّه القطاع الخاص!
لكن الوزارة أيضاً قصّرت مرة أخرى فتركت الحبل سائباً على غوارب تلك المراكز والمستوصفات لكي تحدد أسعار الخدمة الصحية التي تقدمها، وهناك فروقات بآلاف الريالات بين مستشفى وآخر، خصوصاً في العمليات وحتى في مسألة خلع وصيانة بضعة أسنان! ولقد فاجأني أحد (الأطباء) من مستشفى خاص باتصاله بي عارضاً عليّ تخفيضاً كبيراً، مقابل أن أعود إليه لعلاج أسنان ابنتي لكني اعتذرت له، فلقد وجدت نفس الخدمة في مستشفى آخر بفارق ستة آلاف وبضعة مئات من الريالات! وكما هو واضح فإن الفارق كبير جداً لأنه لا إشراف على أسعار هذه المستشفيات، ولعلي هنا أتوجه إلى مقام وزارة الصحة اذا كان لدى المسؤولين فيها ما يقولونه في هذا المسألة المثبتة لديّ بـ(عرض) أسعار من المستشفى الأول وفاتورة من المستشفى الثاني!
alhoshanei@hotmail.com