في ظل غياب المعلومات الدقيقة يكثر “الفشارون “. الفضاوة تدفع من لا يجد عملاً لخلق أي عمل حتى ولو كان هذا العمل في ترويج الأكاذيب، المهم كسب المال وتحقيق الشهرة والسمعة، لذلك ظهرت لنا قوائم طويلة تضم مفسِّري الأحلام والرقاة ماركة “ أبوتفلة “ ومن يفكّون السحر عن المسحور.. كل هؤلاء يمارسون أعمالهم الجليلة وفق استراتيجية يا تصيب يا تخيب، فإن صابت لمع نجم المدعي، وإن خابت فما فيه مشكلة، لأنّ ناس هذا البلد طيبون وينسون ما فات بسرعة، وغالباً فيه أشخاص ما يدققون وفي النهاية كل واحد يصلح سيارته ويا دار ما دخلك شر.
يزيد حجم المشكلة عندما تبث معلومات خاطئة في مجالات علمية تهم كل الناس، وترتبط مباشرة بحياتهم ولا تفيد فيها التكهنات والتخمينات، لأنّ المعلومة لابد أن تكون صادقة وما تخيب أبدا وماعدا ذلك غير مقبول، لأنها إن خابت انكشف المستور، وعندما ينكشف المستور تسقط الأقنعة ولا ينفع التبرير، ادّعى المعرفة بعلم الأرصاد أشخاص ليسوا متخصصين وحاصلين على شهادات من جامعات مضروبة، لذا لا نستغرب أن يأتوا بالعجائب والغرائب والأرانب والتصريح بالمعلومات التي لا يصدقها المجنون فما بالك بالعاقل، والذي إن صدق فلا عقل له، أطلق الأستاذ خالد الزعاق تصريحاً مثيراً للاستغراب ومحرضاً على الضحك وشر البليّة ما يضحك، وهو تصريح في سياق تصريحات متلاحقة يطلقها باستمرار عبر الفضاء والصحافة، بوصف نفسه أنه فلكي وأنه يملك مقاييس أفضل مما لدى رئاسة الأرصاد الجوية، ضارباً بالهيئة الرسمية عرض الحائط وهي لا تحرك ساكناً حيال تجاوزاته. يقول في توقعاته إنّ درجات الحرارة ستصل سبعين في بعض المناطق الحارة بالسعودية خلال الستين يوماً المقبلة، يعني لم يحدد أياماً بعينها بل وسع الفترة الزمنية فإما يصدق توقعه أو ينسى الناس وهو الأقرب، الدرجة المئوية سبعون لم تصل إليها أو حتى تقترب منها درجات الحرارة في بلادنا طيلة السنوات الماضية، بل إنها لم تصل حتى للستين إلاّ إذا كان الزعاق يقصد درجة حرارة على مقاييس أخرى وتشابهت عليه الأمور، والسؤال هل هذه الدرجة بالمقياس المئوي؟ فإن كانت كذلك فهي قوية كقوة الهزة الأرضية العنيفة عند الدرجة العاشرة على مقياس ريختر وهو مقياس لرصد الزلازل، وإن كان توقع الزعاق 70 درجة بمقياس فهرنهايت للحرارة فالأمر مقبول، لأنّ المقياس يقف عند درجة 220 لكن درجة الغليان 212 متوافقة مع الدرجة 100 في المقياس المئوي. أعود لأجواء هذه الأيام والتي لا تسجل درجة الحرارة أكثر من خمسين في الشمس، ومع ذلك نشعر أثناء النهار بالحرارة الشديدة.
كيف سيكون الوضع إذا وصلت درجة الحرارة 70 حسب تنبؤات الزعاق؟ سندخل بالفعل فرناً وسيتوقف النشاط البشري تماماً وسيبحث الناس عن أجهزة التكييف ولو انقطعت الكهرباء مصيبة، وليس أمامنا إلاّ السفر للمناطق الباردة، لأنّ من سيبقى تحت أشعة الشمس المحرقة قد يتحوّل إلى قطعة ضخمة من اللحم المشوي، لأنّ درجة الحرارة ستكون قريبة جداً من درجة الغليان!
رئاسة الأرصاد اكتفت فقط بإصدار بيان يكذب مزاعم الزعاق ويجرّده من لقب فلكي حين وصفته بغير المتخصص، وكنت أتمنى أن تتم ملاحقته وغيره من المدّعين عبر القضاء لإيقافهم عند حدهم.
Shlash2010@hotmail.comتويتر @abdulrahman_15