عاشت المملكة أياما صعبة ولحظات مؤلمة عندما افتقد الشعب السعودي الأمير نايف بن عبدالعزيز الذي وافاه الأجل يوم السبت الماضي.. ومن لا يعرف نايف بن عبدالعزيز رجل الحكمة ورجل المواقف الوطنية الكبري..؟
ولا شك أن الأمن هو الموضوع الذي هيمن على حياة الأمير نايف طيلة أربعة عقود مضت في أحداث سعودية وعربية ودولية كبرى في المنطقة وفي العالم.. ولكن نحن في الجمعية السعودية للإعلام والاتصال كان للأمير نايف بن عبدالعزيز معنا وقفات مهمة ومنعطفات حاسمة ساهمت في تدعيم مكانة الجمعية وتطوير برامجها وحفظ مكانتها ضمن مؤسسات المجتمع المدني في بلادنا.
ونتذكر نحن في الجمعية أن الأمير نايف كان له الفضل بعد الله عند أول لقاء لأعضاء مجلس الإدارة بسموه ان لفت انتباهنا إلى مسمي الجمعية، فقد صدر مسماها الأساسي من المقام السامي على أن تكون الجمعية السعودية لعلوم الاتصال، ولكن ما ذكره الأمير نايف من أن المسمى لا يوحي بأنها جمعية معنية بالشأن والمجال الإعلامي، وهذا ما حدا بمجلس الإدارة إلى إعادة التفكير في التسمية واقترحنا مسمى “الجمعية السعودية للإعلام والاتصال” وفي أول اجتماع للجمعية العمومية تم اعتماد هذا المسمى، والذي وجدنا فيه شمولية لمختلف مجالات الإعلام.. وفي ذلك الاجتماع الأول مع الأمير نايف شرفنا بموافقته على رئاسته الفخرية للجمعية.. وكان ذلك بداية دعم متواصل من سموه لهذه الجمعية الجديدة.
وكانت معظم المنتديات السنوية للجمعية السعودية للإعلام والاتصال تحت رعاية سموه، كما حضر سموه منتديين، هما: الإعلام السعودي: سمات الواقع واتجاهات المستقبل، وكذلك منتدى الإعلام والأزمات.. وكان لحضور سموه الشخصي او لرعايته لمثل هذه المنتديات أكبر الأثر في نجاح ودعم هذه المنتديات محليا ودوليا وإعلاميا. كما أتاح سموه خلال حضوره لهذه المنتديات مجالا وفرصة للحوار مع الأكاديميين والإعلاميين.. كما أن سموه قد وجه الجمعية بدراسة فكرة الناطق الإعلامي قبل استحداثها بوزارة الداخلية، ونظمت الجمعية ورشة عمل لأكثر من أربعين شخصية إعلامية تداولت موضوع الإعلام الأمني، وانتهت إلى وضع توصيات عامة كانت إحداها التوصية بضرورة وجود ناطق إعلامي بوزارة الداخلية.. ورفعت الجمعية هذه التوصيات لسموه وكان من نتائجها استحداث منصب الناطق الإعلامي بوزارة الداخلية خلال فترة قصيرة كأول جهة كبرى في المملكة تنتهج هذه الخطوة الإعلامية، والتي حفزت باقي الوزارات والجهات التنفيذية الأخرى في الدولة على اعتماد فكرة الناطق الإعلامي..
وهناك مواقف كثيرة للجمعية مع سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز وربما من أهمها كونه داعما لها ماديا ومعنويا، وأعطاها وهجا إعلاميا مهما كانت تحتاجه كثيرا وخاصة في السنوات الأولى من تأسيسها حيث واجهت الجمعية بعض الصعوبات في تفهم بعض الجهات الإعلامية لدور الجمعية في المجتمع.. ومن هذه المواقف، وقفة سموه في دعم مشروع تأسيس مقر مستقل للجمعية في مدينة الرياض، وقدم سموه منحة خاصة للجمعية مساهمة في دعم مشروع التأسيس لهذا المقر.
ولا شك أن الجمعية السعودية للإعلام والاتصال ستفتقد شخصية رئيسها الفخري نايف بن عبدالعزيز الذي كان الداعم الأول لها، وهو الموجه بكثير من برامجها ونشاطاتها. كما أن وجود سموه كرئيس فخري قد أسهم في بناء شراكات للجمعية مع عدد من الجهات الحكومية والخاصة خلال السنوات الماضية.
وأخيرا، فإن إسهامات سموه في مختلف المجالات قد انعكست إيجابا على إثراء أدوار ومكانة تلك المؤسسات في المجتمع، لا سيما أن اهتمامات سموه تعدت المجالات الأمنية إلى اهتمامات علمية ودينية وخيرية وثقافية وإعلامية.. وكل مجال من هذه المجالات لسموه ريادة ودعم استثنائي عزز من الأدوار التي تقوم بها هذه الجهات أو المؤسسات.. والجمعية السعودية للإعلام والاتصال ليست إلا نموذجا من النماذج العديدة التي دعمها سموه وساند رؤيتها ورسالتها في المجتمع..
alkarni@ksu.edu.saالمشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية - أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود