فقدنا يوم السبت 26-7-1433هـ الموافق 16 يونيو 2012 صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد وزير الداخلية الذي غيبته يد المنون والذي ملك قلوب المواطنين والمقيمين لما آتاه الله من علم وحكمة.
فحين يجتمع بالعلماء والمفكرين فالكل يتعجب من رجاحة عقله وفكره وكأنه يتلقى إلهاماً من العزيز الحكيم، يذكر عنه الدكتور عبدالمحسن التركي وهو من الذين تشرفوا بالعمل مع الأمير نايف بن عبدالعزيز فيقول كان رد الأمير نايف على من قال: إن إعلامنا إذا ظل محافظاً على ما هو عليه فإن الكثير من أبناء المملكة سيتركه ويتابع الإعلام الآخر الذي لا يقيم وزناً للقيم والأخلاق التي تحرص عليها المملكة وقيادتها، ومن ثم يتأثر به فكان رده رحمه الله (نحن المسؤولين أمام الله ثم أمام ولاة الأمر ومواطني المملكة عن إعلامنا الذي نتحكم فيه، أما غيره فلا شأن لنا فيه وهل نتابع الناس في أخطائهم فمعظم الدول الإسلامية لا تطبق الشرع الإسلامي ولا تقيم وزناً لما نشأت عليه دولتنا فهل نتابعها؟ علينا أن نجعل إعلامنا محصناً لمواطنينا ومؤثراً في الآخرين من خلال قوة البرامج والتعامل مع الأحداث).
والأمير نايف القدوة والمسؤول الناصح للعالم والمتعلم تعلم وتخرج من جامعة والده الملك عبدالعزيز- رحمهما الله- العين الساهرة على أمن البلاد، كان لي الشرف بمقابلة سموه مرات كثيرة أذكر منها ذلك المجلس الذي جمعنا مع سموه وسمو أمير منطقة القصيم الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز ونائبه الأسبق الأميرعبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة في مجلس ابن العم الشيخ إبراهيم الربدي والذي ملأه سمو وزير الداخلية الأمير نايف رحمه الله بالحديث الجامع الممتع في كل جوانب الحياة فبعد الحديث عن الإرهاب وأضراره على الإسلام والمسلمين أورد لنا في الأدب ما دار بين الشاعرين الهزالي والعواجي من بعض المساجلات، وكأنه حاضر معهما، ومن الناحية الجغرافية وتطور العمران الذي تشهده المملكة العربية السعودية وامتدادها نحو الشمال ما عدا أبها التي تمتد بشكل أكبر نحو الجنوب وكأنه يقرأ مقدمة ابن خلدون ونظرياته عن التطور العمراني كان ذلك أثناء زيارته لمنطقة القصيم للاطمئنان على سلامة رجال الأمن ومواساة اسر شهداء الواجب الذين تعرضوا لهجمات الإرهاب.
ظل نايف بن عبدالعزيز طوال حياته على ثغر من ثغور المسلمين فقد تحمل مسؤولية الأمن لأكثر من ستين عاماً يكافح ويجاهد في سبيل الله عن دينه ووطنه ومواطنيه بالإخلاص والولاء وحب الخير ودفع الضرر عن المواطنين والمقيمين على حد سواء، فقد استطاع بقوته وشجاعته ورأيه السديد أن يقضي على الإرهاب ويطهر البلد من الإرهابيين ويفتح قلبه وقصره ووزارته لأبناء وأسر شهداء الواجب والإعلان أمام الملأ بأنه والد للجميع ذكوراً وإناثاً صغاراً وكباراً، وأصدر توجيهاته لقبولهم في كلية الملك فهد الأمنية إذا هم رغبوا مواصلة تعليمهم فيها، وفتح لهم جميع المجالات لمواصلة تعليمهم بالجامعات التي يرغبون بها حتى ولو كانت أهلية وأنه على استعداد تام لتسديد الرسوم من ماله الخاص، وبالنسبة للمتوفين من الشهداء رحمهم الله فقد سدد عنهم الديون وملك أسرهم القصور التي يختارونها بأنفسهم وبأي بلد يرغبون السكن فيه.
رحم الله صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز الذي لا تأخذه في الله لومة لائم، جاهد بكل ما أوتي من قوة من أجل خدمة ضيوف الرحمن، فكان في خدمتهم من قبل أن يتحمل المسؤولية حتى وافته المنية لا تقر له عين ولا يهدأ له بال حتى يغادر آخر حاج أراضي المملكة العربية السعودية سالماً غانماً فإليه يعود الفضل بعد الله في تنفيذ مشروعات جبارة في مكة ومنى وعرفات والمطارات الهدف منها تقديم الخدمات لضيوف الرحمن نذكر منها على سبيل المثال استبدال سموه الخيام المصنوعة من القماش القابلة للحريق بأخرى غير قابلة للاشتعال.
الأمير نايف بن عبدالعزيز الذي يسهر الليل مع النهار ناصر السنة وراعيها رصد لها جوائز قيمة واختار لها العلماء والمحكمين المتميزين الذين نجحوا في تخريج دفعات من الطلاب المتفوقين من أنحاء العالم الإسلامي خلال حفل سنوي دائم تحت رعايته وعنايته.
علي بن محمد بن إبراهيم الربدي- بريدة