|
الحمد لله رب العالمين، وأشكره شكر الصابرين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
فجعت الأمة الإسلامية قاطبةًً، ومواطنو المملكة وقيادتها يوم السبت السادس والعشرين من شهر رجب بوفاة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد، ونائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير الداخلية -رحمه الله رحمة واسعة.
لم يكن هذا الخبر كسائر الأخبار، ولم يكن خبر الوفاة كسائر الوفيات، إنه خبر وفاة رجل في أمه، وأمه في رجل، أفنى عمره -رحمه الله- في خدمة هذه البلاد وشعبها، وخدمة الإسلام والمسلمين وقضاياهم.
إننا حين نستشعر هذه الفراق الجلل وهذه الظروف العصيبة على شعب المملكة وقيادتها لا يسعنا إلا أن نردد هدي رسولنا محمد صلَّى الله عليه وسلَّم، إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا لفراقك يا أبا سعود لمحزونون، ولكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا، فـ{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
كيف لنا أن نرثي أبا سعود، كيف لنا نرثي شخصًا بقامته، خدم بلاده لما يزيد على ستة عقود عبر العديد من المناصب، بدأها في إمارة منطقة الرياض وكيلاً ثمَّ أميرًا لها في عامي 1371 و1372هـ على التوالي، ثمَّ وكيلاً لوزارة الداخلية عام 1390هـ، فوزيرًا لها عام 1395هـ، ونائبًا ثانيًا لرئس مجلس الوزراء عام 1430هـ، ثمَّ وليًا للعهد ونائبًا لرئيس مجلس الوزراء عام 1432هـ.
كما خدم بلاده والشعوب الإسلامية عبر تقلّده -رحمه الله- رئاسة العديد من الهيئات واللجان العليا، لعلَّ من أهمها الإشراف على اللجان والحملات الاغاثية والإنسانية بالمملكة العربية السعودية الموجهة لخدمة الشعوب العربية والإسلامية، والرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب، ورئيس لجنة الحج العليا، ورئيس اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، ورئيس المجلس الأعلى للإعلام، ورئيس الهيئة العليا للأمن الصناعي، ورئيس المجلس الأعلى للدفاع المدني، ورئيس مجلس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، ورئيس مجلس القوى العاملة، ورئيس الهيئة العليا لجائزة نايف بن عبد العزيز العلمية للسنَّة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة، ورئيس الهيئة العليا للساحة، وغيرها من الهيئات والمجالس واللجان الأخرى.
كان له -رحمه الله- في كل منصب من هذه المناصب وفي كل هيئة من هذه الهيئات مساهمات شامخة، وبصمات ستبقى شواهد حية مدى الدهر لما قدمه من الجهد وحسن السياسة والتدبير لخدمة هذا الوطن الغالي.
وإذا كان ما من إنجاز من منجزات هذه البلاد عبر العقود الماضية إلا وله فيه بصمة واضحة، فإن جهود سموه -رحمة الله- في حفظ أمن هذه البلاد، وصيانة استقرارها، والحفاظ على مكتسباتها، والتعامل بكل حزم مع كل من يحاول العبث في أمنها. جهود هائلة لا يمكن حصرها، أو الإحاطة بها، وقد شهد بها العدو قبل الصديق، فكان نعم القائد، ونعم المفكر، ونعم القدوة لمن عمل أو تعامل معه.
وفي الختام لا يسعني إلا أن أتقدم بخالص العزاء والمواساة في هذا المصاب الجلل لخادم الحرمين الشريفين، ولسمو الأمير سلمان بن عبد العزيز وزير الدفاع، ولأصحاب السمو إخوان وأبناء وأحفاد الفقيد، وصاحبات السمو أخوات وبنات وحفيدات الفقيد، وللأسرة المالكة الكريمة، والشعب السعودي. وأسأله سبحانه وتعالى أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، ويسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، ويبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلاً خيرًا من أهله، و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
* وكيل جامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية لخدمة المجتمع وتقنية المعلومات