لا يصح مطلقاً أن يغلق أي موظف باب مكتبه على نفسه أياً كانت درجة وظيفته أو مكانته، بل كلما ارتفع مركزه الوظيفي وازدادت مسؤولياته توجّب عليه أن يقترب أكثر من الناس ويفتح لهم باب مكتبه وأبواب قلبه وعقله وإنسانيته أيضاً، فالقانون المجرد وحده لا يفي بالغرض ما لم يدعمه دافع إنساني وأخلاقي وضميري يُسهم إلى حد بعيد في تجسير العلاقة المتينة بين المواطن والموظف أياً كان مركزه وشأنه ودوره الوظيفي. إن بعض الموظفين يتعامل مع الناس وفق سياسة غلق الأبواب والمنافذ وسد خطوط التواصل والتقارب، ويبقي مداخل خاصة وقليلة تسمح لبعض الناس بالوصول إليه بطرق لا تمت للقانون والنظام ولا للروح الوطنية والإنسانية ولا للأخلاق بصلة، وهكذا يكون المواطن هو الخاسر الوحيد في هذه العلاقة المأزومة والمزمنة بسبب المنهج الإداري البيروقراطي المميت الذي يمارسه البعض من الموظفين، إنه لا يصح أن أبسط وأصغر معاملة تبقى تدور بين غرف ومكاتب الموظفين أياماً وأسابيع إن لم تمتد المسافة الزمنية إلى شهور متتالية من المراجعات المنهكة والمضنية والشاقة، وعندما يبحث المواطن عن باب الموظف المسؤول ليلجأ إليه بعد أن أضناه التعب يجده مغلقاً، إن المطلوب هو فتح قنوات اتصال مباشرة بين المواطن والموظف المسؤول أياً كانت درجته الوظيفية، ولا يجوز أن يتوارى الموظف مهما كان مركزه خلف هالة من التعتيم والغموض والتهرّب، ويجب أن تصدر قرارات تشريعية واضحة وحازمة بهذا الشأن تجبر الموظفين على مواجهة المواطنين بشفافية عالية وجديه متناهية، على أن تتم مقاضاة الموظف المخالف فوراً، وفقاً للقرارات التي تنظّم بهذا الجانب، من أجل محو الأخطاء الإدارية والخدمية وإزالة الشوائب والمعوقات والسلبيات من أمام المواطن، إن التشريعات الإدارية الشفافة اليسيرة التي لا تلقي بالاً للعمل البيروقراطي ولا تسمح له بالتواجد في أنظمة العمل الوظيفية والخدمية والإنتاجية يجب أن تسود حتى يسود الإنجاز السريع والعمل السليم والارتقاء الفائق، إن فتح منافذ مباشرة بين المواطن والموظف المسؤول عبر وسائل المباشرة وإزالة الحواجز وفي إطار منهجي عملي حتماً سيخفّف العبء عن المواطن ويقلّل إلى حد كبير من عزلة المسؤول أو تهرّبه من أداء واجبه الوظيفي والوطني والأخلاقي والإنساني في آن واحد، وإلا يكون الالتباس قائماً وحائراً بين طرفي المعادلة، إن العمل الإداري ذو الجانب الخدماتي يجب أن تتصاعديه الحركة النشطة والدؤوبة وفق صور تكاملية وآليات معبرة ونسق منفتح، بعيداً عن الاتكاء على إرث الانطواء والانزواء وغلق الأبواب، إن المسافة بين المواطن والموظف المسؤول يجب أن تكون معبدة وواضحة وسهلة وليس بها منحدرات أو مصدات، حتى يكون الإنجاز مستقيماً والعمل يطاول الأحلام وخطوط العطاء لها شكل التمدد والبهاء وتنتشي النفوس وتهنأ.
ramadanalanezi@hotmail.com