استناداً إلى النتائج التي توصلت إليها الدراسة فقد تم اقتراح عدة توصيات وحلول لمعالجة ظاهرة الاقتصاد الخفي في المملكة فيما يتعلق بنطاق هذه الدراسة والتي يمكن أن تحقق التكامل بين الأهداف الاقتصادية والأمنية، من بينها أنه ينبغي أن نولي معالجة ظاهرة الاقتصاد الخفي العناية الفائقة التي تستحقها، وأن تقوم الجهات البحثية في الجامعات والمصالح الحكومية بإجراء دراسات مسحية واسعة للوقوف على حجم الظاهرة فعلياً واتجاهاتها المستقبلية، وتحديد مسبباتها، ومكوناتها، والعوامل التي تربط عناصرها الداخلية، وتصنيف أنشطتها وفقاً لدرجة التأثير على مكونات الاقتصاد الوطني، فهذه الدراسة لا تعدو أن تكون بداية حقيقية ومنطلقاً أولياً لأعمال بحثية جادة في المستقبل، وإنشاء هيئة مستقلة لمكافحة الاقتصاد الخفي والجرائم الاقتصادية بالمملكة، أو على الأقل ترتبط بالهيئة العامة لمكافحة الفساد، بحيث تتبنى تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الاقتصاد الخفي، وتتلقى بلاغات الجمهور، وتنسق عمل الجهات المتخصصة في كل مجال من مجالات وأنشطة الاقتصاد الخفي، مع منحها الصلاحيات اللازمة لرفع الدعوى العامة في الجرائم الاقتصادية أو الاكتفاء بجزاءات إدارية وعقوبات تأديبية، ووضع إستراتيجية وطنية لمكافحة الاقتصاد الخفي مبنية على موقف الشريعة الإسلامية في مكافحة أنشطة الاقتصاد الخفي، وتهدف في إطارها العام إلى نمو اقتصادي وتنمية مستدامة يستندان إلى بناء قدرة إنتاجية وطنية تنافسية، مع تركيزها على نمو القطاعات التي تحتضن العمالة الأجنبية كقطاع البناء والتشييد وقطاع الخدمات وقطاع التجزئة وغيرها، وأن تتبنى سياسة نمو فرص العمل، وسياسة الاستثمار في التعليم والصحة، وسياسة دعم نظام الضمان الاجتماعي، ومعالجة الأسباب المؤدية إلى الانخراط في تلك الأنشطة الخفية.
وشددت الدراسة في توصياتها على توحيد كافة الأنظمة والتشريعات التي تخص التعامل مع الاقتصاد الخفي في نظام عقوبات اقتصادي شمولي موحد تحت مُسمى «نظام ممارسة الأنشطة الاقتصادية» أو « نظام الكسب غير المشروع»، بحيث يضم جميع النصوص القانونية الخاصة بمكافحة أنشطة الاقتصاد الخفي، وربط تنفيذها بالهيئة المقترحة، وعلى أن يتلاءم هذا النظام الجديد مع متطلبات المرحلة القادمة، وتوحيد الأنظمة والجهات الإشرافية والرقابية على نشاط القطاع الخاص لوقايته من التعامل في أنشطة الاقتصاد الخفي، وإعادة دراسة جدوى بعض العقوبات المقررة على ارتكاب بعض جرائم الأنشطة الخفية كالتستر التجاري، والغش التجاري والتقليد، والفساد الإداري والمالي، وتحديد أسباب الخلل الذي يتسبب في عدم مساهمة تلك العقوبات في الحد من تلك الجرائم، مع اقتراح تغليظ تلك العقوبات أو إيجاد بدائل وحلول ناجحة وفق ما تضمنته آليات الاقتصاد الإسلامي لمكافحة هذه الظاهرة، حيث يلاحظ أن نظام العقوبات الحالي لم يحد من تزايد عمليات تلك الأنشطة الخفية.
وتطرقت الدراسة إلى أهمية الحزم والعدالة والحياد والسرعة في تطبيق الأنظمة والتعليمات التي تُعالج أنشطة الاقتصاد الخفي، وعدم التساهل في تطبيق لوائح عقوباتها، وإيقاع أشد العقوبات بالمخالفين والمعوِّقين لتطبيقها، وإنشاء أقسام متخصصة في مراكز الشرطة تتولى مكافحة الاقتصاد الخفي والجرائم الاقتصادية وذلك لحاجة الجهات الأمنية إلى متخصصين يُعهد إليهم بالبحث والتحري في هذه الجرائم.
- ضرورة دعم الجهات ذات العلاقة بمكافحة أنشطة الاقتصاد الخفي بالإمكانيات المادية والبشرية وتنسيق جهودها، مع الاهتمام بالعنصر البشري، وضرورة إعادة النظر في زيادة نسبة المكافآت الممنوحة لهم إلى المستوى الذي تضعف معه حوافز الإغراءات التي تقدم لهم من المتعاملين في الأنشطة غير المشروعة.
- ضرورة العمل على التطوير المستمر للبرامج والمناهج التدريبية للقطاعات الأمنية المختصة بعمليات مكافحة الأنشطة الخفية، والاستفادة من الأساليب العلمية في هذا المجال.
- ضرورة معالجة ظاهرة تزايد التحويلات المالية للأجانب غير المفسرة بالرواتب والأجور من خلال:
أ - وضع نظام محاسبي للمحلات التجارية الصغيرة والمتوسطة، تتم متابعته بصفة دورية.
ب - تحديد أوقات العمل في قطاعات التجزئة كما هو معمول به في الدول المتقدمة، بحيث يبدأ من السادسة صباحاً وينتهي الساعة التاسعة مساءً.
ج - رفع المساحة الإجمالية المطلوبة لمحلات التموينات إلى ثلاث فتحات على الشوارع الرئيسة والفرعية.
د - قصر نشاط المؤسسة الواحدة على نشاط معين بدلاً من الاستثمار في عدة أنشطة، فغالباً ما تقع تلك الأنشطة المتنوعة تحت مظلة التستر التجاري.
هـ - اشتراط فتح حساب بنكي لجميع العمالة الأجنبية أياً كانت مهنتهم وإيداع رواتبهم الشهرية في ذلك الحساب مباشرة، مع ربط تأشيرات الخروج والعودة وتجديد الإقامات بكشف بنكي يحدد حركة الرواتب الشهرية وفقاً لعقد العمل وتحويلاتهم المالية.
و - ربط التحويلات المالية للعمالة الأجنبية في المملكة بالراتب المحدد في العقد أو الذي يُودع فعلياً في حساب العامل.
ز - تخفيض حد الإفصاح المالي في المنافذ والمطارات إلى (15) ألف ريـال للعامل الواحد مع ربطه بحجم تحويلاته السابقة.
ح - فرض رسم مالي محدد أو بنسبة مئوية على كل عملية تحويل.
ط - إيجاد برامج تحد من الاستقدام غير الضروري للعمالة الأجنبية بعيداً عن الأساليب التهديدية.
ي - تشجيع العمالة الأجنبية على استثمار مدخراتهم المالية على الأقل لمدة سنة واحدة بدلاً عن تحويلها مباشرة لبلدانهم.