لا نقول إلا ما يُرضي الله في المصاب الجلل «نايف بن عبد العزيز» وعزاء الإنسان في فقيد التأريخ قول الله عز وجل: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ .. والموت حق، رحم الله نايف بن عبد العزيز رحمة الأبرار وأسكنه فسيح جناته. هذا الإنسان الذي قال: «موت الإنسان في سبيل خدمة دينه ووطنه شرف».
بهذه العبارات تحدث الأمير نايف بن عبد العزيز وكأنه يتحدث بلسان حالنا اليوم.. والوطن والمواطنون جميعاً يشاركون خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين والأسرة الكريمة في فقيد الوطن الإنسان العظيم، صاحب الرأي السديد، والفكر النير، والحلم، والأناة، والحكمة البالغة.. ومع فداحة الفاجعة وعظمها فإننا لا نملك إلا التسليم بالقضاء والرضاء بالقدر والتذرع بالصبر والدعاء له بجنة عرضها السموات والأرض.
إن مكانة الأمير نايف بن عبد العزيز - رحمه الله - كبيرة في البيت السعودي بشكل خاص وفي العالم العربي بشكل عام، فهو - رحمه الله - كان أباً لجميع أفراد هذا الشعب الكريم، قريباً من الجميع، يتحسس آلامهم وآمالهم وهو مثال ونموذج للمسئول المخلص الذي يجمع بين الحزم واللين وفق ما تستدعيه الظروف والمتغيرات. رحمك الله يا نايف الأمن والأمان، نايف القرآن والسنة، وعلوم الحديث الشريف، نايف المناصحة والإصلاح، نايف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. رحمك الله يا من كنت سداً منيعاً قوياً أمام اختراقات الخارج وفتنة الداخل وكنت مثلاً عالمياً أشادت به الأمم المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب، ونقل صورة مشرفة ناصعة عن الإسلام المعتدل «الوسطية» تمشياً مع الهدي الرباني.. وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا .
الأمير نايف.. استطاع بحكمته وحنانه ورحمته أن يسكن في قلوب الجميع - كباراً وصغاراً - من أبناء شعبه، فكان بالنسبة للجميع صمام الأمان والاستقرار ودرع الحماية - بعد الله تعالى - لصموده أمام كل الضغوطات التي تعرضت لها بلادنا الأبية.. وقالها للعالم أجمع بأن الصورة الحقيقية عن الإسلام وعن هذه البلاد نحن من ينقلها بألوانها الصحيحة التي تنشر النور والسلام والتسامح في ربوع الأرض، وتنبذ الظلام والعنف بكل صوره وأشكاله.
إن الحديث عن أبي سعود - رحمه الله - يطول ويطول.. وقد عرفت عنه - رحمه الله - عن قرب من خلال عملي في جهاز الوزارة وتكليفي من قِبل سموه بعدد من المهمات، كان يوجه بالدقة المتناهية في المعلومة ودراسة القضايا من جوانبها المختلفة، وتوجيهاته دائماً نستنير بها، وقد عرفت عنه - يرحمه الله - المتابعة الدقيقة للمعاملات التي تُعرض عليه، يمتد عمله إلى الساعات الأولى من الصباح.. ويسهر على أمن الوطن والمواطنين.. تستأنس بتوجيهاته وأحاديثه.
مجالسه الأسبوعية في وزارة الداخلية خلاف منزله هو تقليد ورثه عن والده المؤسس الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - حيث يستقبل جميع المواطنين والمقيمين بدون استثناء فمجالسه مفتوحة وقلبه قبل ذلك.. ويشير في هذا الجانب معالي الشيخ سعد الناصر السديري المستشار بمكتب سموه بأن من يحضر المجلس يلحظ الأسلوب الإنساني في تعامله مع المراجعين من مختلف شرائح المجتمع والمقيمين وبخاصة ذوي الاحتياجات الخاصة، وكان - رحمه الله - يتصرف بحلم وأناة وحكمة وبُعد نظر وتأنٍ في الأمور والتواضع والخبرة الطويلة المتراكمة الممتدة لعقود منذ أن كان وكيلاً لإمارة منطقة الرياض إلى أن أصبح وزيراً للداخلية. خدماته الطويلة وخبراته المتنوعة التي اكتسبها في مجالي الأمن والحكم المحلي جعلت منه مدرسة يتعلم منها كل من يريد أن يخدم هذا البلد المعطاء وبكل إخلاص ووطنية. جوانب كثيرة وعديدة ومتنوعة كان يتخذها - رحمه الله - مبنية على دراسات وأبحاث واستشارات علمية، لذا كانت قراراته - يرحمه الله - مبنية على أسس علمية سليمة وهذا أحد عناصر القوة لدى سموه الذي يعرف جيداً أن الوزارة التي يرأسها هي لخدمة المواطن وقضاء حوائجه والسهر على أمنه ومعيشته.
كان - يرحمه الله - يهتم بالجميع بالمرأة والطفل والشيخ والضعيف والقوي والفقير والغني بجميع شرائح المواطنين والمقيمين. كان أباً للجميع كريماً متسامحاً. استطاع بحنكته وحكمته وخبرته الطويلة، ضبط الشارع حتى أصبحت المملكة بلد الأمن والأمان والاستقرار الذي يؤدي إلى الازدهار في شتى المجالات وبخاصة المجال الاقتصادي.
الأمير أحمد على خطى نايف
ويُؤكد صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبد العزيز وزير الداخلية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز اعتزازه بالثقة الغالية وأن توجيهاته نبراس يستنير به.. مشيراً سموه بأنه سيستمر على ذات النهج الذي أسسه الأمير نايف - رحمه الله - مشيراً إلى أنه سيمضي تنفيذ كافة الخطط والبرامج التي وضعها الأمير نايف تغمده الله بواسع رحمته من أجل تطور الأداء الأمني وتكريس أمن الوطن والمواطن.
وكان سموه يتحدث للمعزين والمهنئين من المواطنين بأن سمو الأمير نايف - يرحمه الله - مدرسة تعلم منها أشياء كثيرة لا يمكن إحصاؤها أو ذكرها، إن المسؤولية عظيمة ولكن مستعين بالله ثم بتعاون الجميع.
وبقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره نرفع أحر التعازي وأصدق المواساة إلى مقام ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - ومتع الجميع بصحته الغالية وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز وأبناء الفقيد الكرام سعود ومحمد وإخوانهم وأحفاده والأسرة الكريمة.. ونسأل الله عز وجل أن يرحم فقيدنا ويجزيه خير الجزاء وأن يجمعنا في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، إنه خير مسئول وأكرم مأمول.. والحمد لله على قضائه وقدره. إن القلب ليحزن وأن العين لتدمع ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا.. إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ .