|
لم يكن فقدُ صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية -رحمه الله- أمرًا هينًا على الشعب السعودي، فالمملكة العربية السعودية دولة بحجم قارة، مترامية الأطراف، وحدودها ممتدة، تبلغ آلاف الكيلومترات، وتتاخم عددًا من الدول، ولها منافذ بريَّة، وبحريَّة، وجويَّة ، يؤمها الحجاج، والزوار، والعابرون، والوافدون من كل حدب وصوب، على مدى الساعة دون توقف.
ولا شكَّ أن دولة بهذه الميزات تحتاج إلى رجل يمتلك مواهب متعددة كنايف بن عبد العزيز ليدير دفة الأمن فيها، فهي دولة يستهدفها الطامعون، والضالون والمضللون وأصحاب الرؤى القاصرة، بقصد أو بجهل.
ولذلك فقد كان -رحمه الله- ربان سفينة الأمان في المملكة على مدى أعوام طويلة، يقودها عبر أمواج متلاطمة عصفت بالعالم، واعترته علل وكوارث عديدة، كالإرهاب، والحروب، والمشكلات الاجتماعية الفتاكة، إلا أن وزير الداخلية -رحمه الله- كان رجل الأمن الأول، بنى مؤسسة أمنية يُشهد لها على المستويات الوطنيّة والإقليميّة والدوليّة، وبنى سمعة يحترمها القاصي والداني، وأرسى قواعد الأمن والأمان في كلِّ أطراف المملكة، في الظروف العادية، وفي ظروف الحج والعمرة، حيث يفد إلى الحرمين الشريفين في موسم الحج أكثر من ثلاثة ملايين حاج، في بقعة محدودة، وفي أيام معدودة، وكان -رحمه الله- بنفسه يضع الخطط، ويشرف على التطبيق، ويتابع النتائج، ويعيد ويصحح لكي يحقِّق لنا أعلى مستويات الراحة والأمان.
فجزاك الله خيرًا يا أميرنا الراحل، وأسكنك الرحمن الرحيم فسيح جنَّاته، وكتب لك السكنى في عليين مع الشهداء والصديقين، إنه ولي ذلك وهو القادر عليه. وعندما نقول هذا الكلام في ولي العهد ووزير الداخلية نايف بن عبد العزيز -رحمه الله- فهو من باب التحدث بالحق، وإسناد الأمور إلى أهلها، ولكنها لم ولن تكون - بحول الله- من باب القلق على أي جانب، فأولياء أمورنا يشهد لهم التاريخ، بأنهم أصحاب نظرة ثاقبة، ويتمتعون بأبعاد إستراتيجية، ولم يُعهد لهم أن تركوا الحبل على الغارب في يوم من الأيام، نعم لقد كان نايف -رحمه الله- رجل دولة من الطراز الأول، وسنفقده ونتذكره على مدى الأيام، وستتحدث عنه إنجازاته للأجيال القادمة، ولكن المملكة العربية السعودية دولة مؤسسات، وما أن يغيّب الموت مسؤولاً إلا ويخلفه مسؤول آخر لا يقل عنه في الدراية والكفاءة، فهي مدرسة عبد العزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله- فهذا رجل الأمن الثاني الذي أصبح يدير دفة وزارة الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبد العزيز -وفقه الله- الذي تدرب في مدرسة نايف، وكان ساعده الأيمن، وهو على معرفة ودراية تامتين في كلِّ الملفات الأمنيّة، ولذلك فنحن كمواطنين فقدنا نايف الرجل والخبرة والسياسة، ولكن الأمن باقٍ وراسخ وثابت بإذن الله.
أما بالنسبة للجانب الأهم فنايف كان ولي العهد، والرجل الثاني في الدَّولة، إلى جانب أخيه خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله-، ولكن هذه المهمة انتقلت إلى أخيه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز -وفقه الله- وهو أمير الرياض المحبوب، ورجل المواعيد الدقيقة، والمؤرخ، والمهتم بعلم الاجتماع والأنساب، ورجل الصحافة، أخيرًا وليس آخر، قائد دفاعات الوطن وربان الأمن الوطني في كلِّ المجالات.
تقدَّم سلمان بن عبد العزيز ليؤازر أخاه خادم الحرمين الشريفين في قيادة الوطن، خلفًا لأخيه نايف بن عبدالعزيز.
رحم الله فقيدنا الكبير نايف بن عبدالعزيز، وهنيئًا لنا بشقيقيه سلمان وأحمد، في ظلِّ قيادة أخيهما خادم الحرمين الشريفين، حفظهم الله جميعًا ذخرًا للوطن والمواطن.
(*) رئيس مجلس إدارة مفروشات العمر