تمنيت عندما أعلن سمو وزير التربية والتعليم قراره بتسمية العام الدراسي المنصرم بعام المعلم لو تأخر في اتخاذ هذا القرار، فتخصيص عام للمعلم يعني ببساطة أن توجه الوزارة كافة أجهزتها لإظهار هذا الحدث التاريخي بالمستوى اللائق به خاصة وأنه حدث مرتبط بالمعلم الذي كاد أن يكون رسولاً لعظم الرسالة التي يحملها وسمو الأهداف التي يسعى لتحقيقها، وتحمله المتاعب التربية في زمن صارت فيه التربية ومكابدة شقاوة الأطفال ومراهقة الشباب أثقل من الهم على القلب، هذا الحدث يستدعي أن يتم التخطيط له قبل تدشينه بأربع سنوات على الأقل حتى تقوم الوزارة وتوفي المعلم التبجيل الذي هو به جدير، لذا فعام للمعلم لايمكن تنفيذه والوزارة نفسها غارقة “لشوشتها” في بحر مشكلات لها أول وليس لها آخر، وأول المعضلات التي تقف في وجه المشروع اتجاهات المعلمين السلبية نحو وزارتهم، فانعدام الثقة هو السائد بين المعلمين، والإحباط والتذمر والملل والتسرب من مهنة التدريس لداخل الوزارة أو خارجها هي المظاهر الطاغية في أوساط المعلمين، لو فتحت حوارا مع كل معلم ومعلمة لسردوا لك قصصاً يشيب من هولها الولدان، رأيت بعيني أحد المعلمين من فرط فرحه يقبل الورقة التي كتب فيها قرار انتقاله من الوزارة إلى إحدى الجامعات وهي حالة تعبر بعفوية عن نفسها ولا تحتاج لتعليق، معلمون يشتكون من تأخر الوزارة في صرف مستحقاتهم، وآخرون يندبون حظهم بسبب تباطؤ الوزارة في تثبيتهم في المستويات التي يستحقونها نظاماً، والمعلمات البديلات ومعلمات محو الأمية دخلن قبل أكثر من سنة في مرحلة كفاح متواصل لنيل حقوقهن في التعيين في الوظائف المنصوص عليها في الأمر الملكي الكريم القاضي بتثبيتهن. أكثرية من المعلمين ينشدون حياة أفضل تقربهم من نظرائهم في قطاعات أخرى بإقرار مزايا كالتأمين الطبي وهو تأمين استفاد منه مواطنون ومقيمون على هذه الأرض الطيبة بالتأكيد ليسوا من منسوبي وزارة التربية والتعليم.
وددت لو أن سمو الوزير انتظر حتى تتهيأ البيئة الجيدة المحفزة للجميع للتفاعل لضمان عام ناجح يستوفي المعلمون فيه كل حقوقهم لا أن نكتفي بعام حافل بالضجيج والوعود المعسولة لدغدغة مشاعر المعلمين وإدخالهم في أجواء حالمة تصبرهم على بلواهم.
كتبت في هذه الزاوية بتاريخ 19-10-1432هـ مقالاً بعنوان عام المعلم السعودي فور إعلان سمو وزير التربية تسمية العام الفارط بعام المعلم ذكرت فيه أن مبادرة سموه تكشف عن إحساس المسؤول الأول عن التربية والتعليم بمعاناة المعلمين، وتمنيت حينها أن ينتقل هذا الإحساس لكل مسؤول ومسئولة في الوزارة والمناطق التعليمية، وأن تبادر الوزارة لمشاريع تخدم المعلمين، وأبديت تخوفي من تحول العام الموعود إلى وعود وشعارات وكلام يطير في الهواء ليخرج المعلم المحتفى به في النهاية من المولد بلا حمص!
ما أبديته من تخوف تحقق وبالحرف فقد تحول إلى عام إعلامي ببرامج هزيلة قامت على مبادرات شخصية من بعض المخلصين في بعض مكاتب التربية والتعليم. أتمنى من كل معلم ومعلمة أن يتناول ورقة وقلما ويكتب لنا ما تحقق له في عامه المنقضي ترى ما الحصيلة التي سنخرج بها؟ وهل عاش المعلم في عامه أجواء سعادة أم أفزعته كوابيس البؤس كالعادة؟
Shlash2010@hotmail.comتويتر @abdulrahman_15