مازال الصراع القديم محتدما مابين الجامعات وبين الطلاب, الصراع له أكثر من مستوى لكنه يتركز في مستويين هما:
المستوى الأول: الاستيعاب (القبول).
المستوى الثاني: التخصصات.
وزارة التعليم العالي تعتمد في إحصاءاتها الاستيعابية على بيانات الجامعات الورقية وليس على واقع الحال, وتبني دراساتها ومستقبليات الجامعات على تلك الإحصاءات,كما أن مديري الجامعات يبنون بياناتهم على مايردهم من عمادات القبول والتسجيل لذا تصدر وزارة التعليم العالي بيانها الختامي في نهاية أيام القبول بالقول: إنها استوعبت أكثر من (350) ألف طالب هم خريجو الثانوية لكل عام بل تزيد أن هناك مقاعد شاغرة للطلاب... وبالمقابل يتحدث الطلاب وأولياء أمورهم بحديث مختلف عن هذا الواقع بقولهم: أما أن قبولهم تم في كليات وجامعات بعيدة جغرافيا عن مقر إقامتهم في مدينة أو منطقة تبعد مئات الكيلومترات عن مقر إقامتهم وهذا بالطبع للطلاب والطالبات, أو تم قبولهم مخالفاً تماماً لرغباتهم وتأهيلهم ومستوياتهم ومثلاً على ذلك يتقدم الطالب لتخصصات علمية ويوافق عليه البرنامج وفقا لمعدل الثانوية واختبار القدرات ويجد نفسه في التخصصات الإنسانية والنظرية ليضاف رقماً جديداً للبطالة.
من السهل على أي جامعة قبول الطلاب في تخصصات لاتحتاج إلا إلى قاعة أو مدرج وأستاذ جامعي فالشعبة الواحدة التي تقبل (50) طالباً يمكنها أن تصل إلى (300) طالب وقابلة للرقم (500) طالب, هنا يتم غض الطرف عن المعيارية والجودة ونسبة الطلاب إلى الأستاذ. وتحت غطاء العلوم الإنسانية والنظرية يمكن استيعاب الآلاف من الطلاب لإتمام حقول البيانات التي ترفع للجهات العليا وما يرافقه من ضجيج إعلامي من استيعاب المتقدمين ولجم (من تريد حجرا) واعتذر هنا عن هذا التعبير لكنه ممارسة مهنية من بعض مديري الجامعات لإعماء وإخفاء الحقيقة وتضليل الجهات المعنية بحل مشكلات القبول في الجامعات...
ما يحدث سنويا ظلم لهذا الجيل الذي وجد نفسه رقماً هامشياً يتم تسديده في حقول و(خانات) عمادات القبول والتسجيل التي تدير من داخل (غرفها) ومكاتبها سلسلة من العمليات الإجرائية عبر برامج حاسوبية هي حساب الحقل والبيدر وتسديد الاحتياج وتسكين الطلاب في الكليات, ولكنها لا تدري بقصد أو غير قصد أنها تحرم البلد من جيل لو أحسنت التعامل معه لكان أفضل استثمار نستثمره وسنجني مكاسب كبيرة بدلاً من نقله إلى خانة ومربع البطالة الجامعية وتخصصات (علم لا ينفع).