دون الدخول في التفاصيل الفنية لما تنطوي عليه الأنظمة الجديدة المتعلقة بالقطاع العقاري والتي وافق عليها مجلس الوزراء في جلسته التي عُقدت يوم الاثنين الماضي، فإن هناك سيناريوهات مستقبلية من المتوقع أن تشهدها السوق.. بعضها يتعلق بالمدى القصير والبعض الآخر لفترات زمنية أطول.
الأنظمة التي تمت الموافقة عليها هي: نظام الرهن العقاري، ونظام التمويل العقاري، ونظام الإيجار التمويلي، ونظام مراقبة شركات التمويل، ونظام قضاء التنفيذ.. وسيتجاوز تأثيرها القطاع العقاري ليشمل دائرة أوسع تمس كامل الاقتصاد الوطني.
وبالدرجة الأولى، فإن نظام الرهن العقاري وبقية الأنظمة التي تمت الموافقة عليها سوف تسد ثغرة كبيرة كانت تعيق أي تقدم حقيقي لمعالجة المشكلات التي يواجهها قطاع الإسكان.. هذا القطاع الذي ظل متخلفاً عن بقية القطاعات رغم توفر رؤوس الأموال الكافية لتمويل جميع المتطلبات الإسكانية ورغم التوفر «النظري» للأراضي في بلدنا التي نقول إنها بمثابة قارة مترامية الأطراف بكثافة سكانية منخفضة جداً بالمقارنة مع دول أخرى لا تعاني من فداحة المعضلة الإسكانية التي نعاني منها.
وفي ظل غياب وضوح الرؤية وقصور الأنظمة وتداخل الاختصاصات وتنصل بعض الجهات ذات العلاقة عن مباشرة مهامها وعدم وجود أجهزة حكومية تُناط بها مهام الإسكان بشكل مباشر، فقد ظل قطاع الإسكان والعقار يعيش حالة من الفوضى لسنوات طويلة أدت إلى ما نعانيه في الوقت الحاضر من مشكلات جمة في هذا القطاع.
أما وقد تمت الموافقة على مشاريع الأنظمة الخمسة، فإن المتوقع هو أن يشهد القطاع تطورات إيجابية كبيرة.. لكن المطلوب من جميع الجهات ذات الاختصاص بذل جهود كبيرة وسريعة لضمان تحقيق هذه الإيجابيات بالفعل لكي لا تتمخض هذه الأنظمة عن مزيد من المشكلات والصعوبات في وجه المواطن الباحث عن السكن.
نقول ذلك لأن أحد السيناريوهات المستقبلية الممكنة، وخصوصاً في المدى القصير، هو أن السيولة التي ستتيحها أنظمة وإجراءات التمويل الجديدة وما يتعلق بالرهن العقاري قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء وغيرها من عناصر التكلفة إذا ما أخذنا في الحسبان العوامل الاحتكارية القائمة، سواء ما يتعلق بالملكيات العقارية الشاسعة والأراضي البيضاء المجمدة أو الممارسات التجارية الاستغلالية. يضاف إلى ذلك مخاوف تتجاوز القطاع العقاري وترتبط بنوعية المنتجات التي ستفرزها المؤسسات التمويلية.. وكلنا يعلم أن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية وُلِدتْ من رحم الفقاعة العقارية الأمريكية.
ولكي تكون هذه الأنظمة فعالة، لابد أن يتوازى معها حل لمشكلة الندرة المفتعلة في الأراضي.. كما يجب الانتباه إلى الآثار الاجتماعية المحتملة من جراء تطبيق هذه الأنظمة ومواجهتها بحلول مناسبة لكي لا نكتشف أن بعض هذه الأنظمة غير قابل للتطبيق بسبب ما نسميه عادة بـ»الخصوصية السعودية»، ولكي لا تصبح حبراً على ورق مثل أنظمة وإجراءات أخرى تبيَّنْ أنها غير قابلة للتطبيق..!!
alhumaidak@gmail.comص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض