جيئورا إيلاند :
الوقت المستقطع بين آخر جولة من القتال والجولة التي تليها يتيح لنا الفرصة لكي نجري تقييماً إستراتيجياً لسياستنا تجاه قطاع غزة. منذ عملية «الرصاص المصبوب» العسكرية على قطاع غزة عام 2009 وبخاصة خلال الأشهر الأخيرة ندير الموقف بوسائل تكتيكية فقط. في هذا الإطار نستهدف تحديد المنظمة الفلسطينية التي تطلق الصواريخ علينا ثم نستهدف مطلقي الصواريخ. هذا الأسلوب يؤدي إلى موقف نشهد فيه كل عدة أسابيع موجة من الصواريخ الفلسطينية والردود الإسرائيلية عليها وهو موقف لا يفيد إسرائيل على الإطلاق. يجب أن تقوم السياسة الإسرائيلية تجاه قطاع غزة على أساس أن القطاع هو دولة بحكم الأمر الواقع، وهذه الدولة لها حدودها الجغرافية ونظام الحكم المستقر والمنتخب بطريقة ديمقراطية وسياستها الخارجية المستقلة. والحقيقة أن المنهج الذي نتعامل به مع القطاع وعدم اعترافنا بحركة حماس الفلسطينية التي تديره هو حماقة كاملة. وحقيقة أن قطاع غزة دولة حتى لو كان يحكمها « أعداء» أفضل من أن يكون مجرد قطاع تسوده الفوضى أو الوضع الذي كان سائداً قبل عام 2007 عندما كانت السلطة في القطاع رسمياً في يد السلطة الفلسطينية في حين أن حركة حماس هي المسيطر الحقيقي على الأوضاع على الأرض.
نستطيع الوصول إلى ثلاث نتائج من وجهة النظر تلك. أولاً: أنه لن يكون على إسرائيل التمييز بين 3 لاعبين في قطاع غزة وهم حكومة غزة وسكان غزة و(الجماعات الإرهابية.) بالنسبة لنا ستكون الدولة في غزة هي المسؤولة عن كل الأعمال المعادية التي تنطلق من القطاع. ورغم الاستفادة من استخدام تعبير «الجناح المسلح» لحركة حماس فإنه تعبير خطأ. هناك دولة ولديها جيش وهكذا يجب التعامل مع قطاع غزة.
ثانياً: غزة كدولة ستكون دولة معادية. وربما كان من الممكن إقامة علاقات اقتصادية وغيرها من العلاقات مع دولة معادية، لكن ليس من الطبيعي أن تزوّد دولة معادية بالكهرباء والوقود وغيرها من السلع في الوقت الذي تطلق فيه الصواريخ علينا. إن التمييز الذي يفرضه علينا العالم بين القدرة (المحدودة) على قتال هؤلاء الذين يطلقون الصواريخ علينا (فقط) وبين السلع الإنسانية للشعب البريء هو خطأ قاتل لأنه يسمح لحكومة غزة تجنب أي معضلة حقيقية.
ثالثاً: لا توجد طريقة لضمان التفهم الدولي للموقف الإسرائيلي في حالات التصعيد. ففي حالة التصعيد يصبح الشيء الوحيد الذي يمكن مناقشته هو وقف إطلاق النار. في المقابل فإن فترات الهدوء كتلك الفترة التي بدأت الأسبوع الحالي تصبح ملائمة تماماً لوضع سياسة وضمان وضوحها التام بالنسبة لكل من مصر والغرب.
يجب أن تقوم أي سياسة تجاه قطاع غزة على خمسة مبادئ وهي:
1 - اعتراف إسرائيل بقطاع غزة كدولة أمر واقع.
2 - قطاع غزة ليس أرضاً محتلة والحدود بين غزة ومصر (ممر فلاديلفي) مفتوحة تماماً.
3 - دولة غزة تتحمّل المسؤولية عن أي أعمال عدائية تنطلق منها ضد إسرائيل.
4 - كلما ساد الهدوء فإن إسرائيل ستسمح بمرور المزيد من السلع والبضائع عبر الحدود إلى القطاع. وستوافق على انتقال محدود للبشر بين قطاع غزة والضفة الغربية. وأي إطلاق نار على إسرائيل من غزة سيؤدي إلى وقف عبور هذه السلع على الفور.
5 - في حالة انطلاق هجوم من قطاع غزة سترد إسرائيل على دولة غزة بما في ذلك مهاجمة أهداف حكومية.
وهذه السياسة أفضل من البديلين الآخرين وهما استمرار الوضع الحالي الذي يشهد تآكل قدرات الردع الإسرائيلية أو إلى شن هجوم بري إسرائيلي جديد على غرار عملية الرصاص المصبوب.
وفي هذا السياق يأتي العنصر المصري. فحقيقة أن الرئيس المصري حالياً هو عضو في جماعة الإخوان المسلمين توفر ميزة، حيث إن نفوذه على حكومة غزة أكبر من نظام الحكم السابق في مصر. فالرئيس المصري محمد مرسي يحتاج إلى مساعدات اقتصادية كبيرة من أمريكا علاوة على المساعدات العسكرية التي تقدمها واشنطن للجيش المصري، ووقف هذه المساعدات سيؤدي إلى مجاعة في مصر. ولا يمكن لرئيس مصري أن يمضي في طريق يقود إلى هذا الخطر. لذلك فإن القدرة الأمريكية على الضغط على مصر عالية للغاية. لذلك يمكن استغلال المساعدات الأمريكية لمصر من أجل إقناع الرئيس المصري على التحرك لوقف أي اعتداءات فلسطينية من قطاع غزة ضد إسرائيل وتحسين حالة الأمن في شبه جزيرة سيناء المصرية.
(يديعوت أحرونوت) العبرية