فاصلة
(وهبنا الله الذكريات لننعم بالورود في الشتاء)
-حكمة تركية -
في حياة كل منا أُناس استثنائيون لا يعبرون حياتنا مثل غيرهم، تختزن ذاكرتنا لهم صوراً تشع بالجمال وتنبض بالخير وفي وجداننا لهم مكان لا يشبه كل الأمكنة.
عندما عرفت أن عم والدتي أصابته عدة جلطات في المخ وهو في غرفة العناية المركزة حزنت لأنني أحمل له حباً وتقديرا كبيرين.. حزنت كيف أن شخصا مثله ينبض بالحياة يغيب عن أحداثها فجأة.
في غرفة العناية المركزة يمكث الإنسان قريبا من عناية الأجهزة به بعيداً عن الحياة بعيدا عن الضجيج، مع أن الناس من حوله يحاولون بثّ الحياة فيه بقراءة القرآن وبالدعاء وبطاقات الحب والسلام.
«العم سالم» لم يكن شخصية تقليدية.. كان مثقفا يتعاطى النقاش مع الصغير والكبير وكان رغم حنانه شخصية حازمة كنت في طفولتي أسمع الكثير من الحكايات التي تسردها والدتي عن حزمه وشخصيته القيادية، ورغم مرضه إلا أن ذلك لم يمنعه أن يكون حاضراً في وجداننا جميعا، ورغم بعد المسافات إلا أنه كان يحضر بثقافته وحنّوه في حياتي كثيرا. قبل أسبوعين كان يناقشني عن المعونات المادية التي تعطى الشعوب المتضررة وأهمية أن تكون الأولوية لبرامج التنمية في المجتمع.
كان ينبض بالحياة إلى أن فاجأته الجلطات فنقلته إلى حجرة العناية المركزة.
للعم سالم رصيد من الذكريات الجميلة لدى كل من عرفه عن قرب وأَلِفه روحاً شابة تتدفق بالعطاء.
وفي وجداني قد رسم صوراً عدة من الاحتواء والدعم لنجاحاتي وهمومي ولطالما تفهم طموحي بأعمق مما يفهمه الآخرون.
عندما يحل الليل في مانشستر وتبدأ السماء بتحيتها لنا بالمطر وعندما تشرق الشمس ويبدأ الصباح بتحيات المطر أبتهل إلى الله ألا يغيب وجهه البشوش عن حياتنا ويمد في عمره بالخير.
nahedsb@hotmail.com