تنتشر في مجتمعنا حالات غريبة ومتفاوتة من استغلال دخل المرأة الشهري، سواء من قبل الأب إذا كانت لم تتزوّج بعد، أو من قبل الزوج إذا كانت متزوجة، ولعل أكثركم يشهد حالات مختلفة ممن يحيط به من الأقارب، تبدأ من أخذ إتاوة بالقوة والتهديد بالفصل ما لم تستجب له، وتنتهي بالاحتفاظ ببطاقة الصراف التي تخص حسابها، والسحب منها كما يشاء، ومتى يشاء، دون استئذان أو خجل مما يفعل، مروراً بالحصول على قرض سنوي على دخلها الشهري، يستفيد منه لأغراضه الخاصة بشكل مفرط في الأنانية!
يمكن للمرأة، طبعاً، أن تساهم مالياً في بيت أهلها أو بيتها، برغبة منها ومبادرة عن طيب خاطر، لكن أن تتم مصادرة دخلها تحت حجج كثيرة وواهية، فهو أمر غير إنساني إطلاقاً، ويكشف عن عدم مروءة ممن يفعله، وقد يسأل البعض: وهل هناك حجج أو أسباب تجعله يستولي على دخلها الشهري؟ أقول إن بعض هؤلاء يسلّي نفسه، بأن إدارة شؤون البيت ورعاية الأطفال هو من صميم مسؤوليتها، لذلك عليها أن تدفع المال مقابل تفريطها بهذا الواجب كما يراه. أما الأب فيعتقد أن رعايته لها، وصرفه عليها حتى أنهت دراستها، يجعله يجد تبريراً لاسترداد المال منها. وكلها أسباب واهية، لأن على الأب تربية صغاره والاهتمام بمستقبلهم حتى يكبروا ويحققوا استقلالهم المادي، دون منّة أو أذى.
كذلك على الزوج أن يدرك أن ما تحصل عليه الزوجة من مرتب لقاء عملها هو حق خالص لها، لا يجوز له، بأي حال من الأحوال، أن يستولي عليه.
ولعل من أغرب أوجه الاستغلال المادي الذي يمارسه الرجل تجاه ابنته أو زوجته، هو الاستيلاء على مكافأة حافز، تخيلوا مكافأة بسيطة جداً، متواضعة القيمة، يقوم بوضع يده عليها، حتى لو كان مرتبه يفوق خمسة عشر ألف ريال. هل هذا يحدث، أكاد أجزم بأن هناك حالات كثيرة أسمع عنها، ممن يصادر هذا المبلغ الزهيد، ليسدد به قرضاً شخصياً، أو ليعبث به دونما ضمير!
الغريب أن البعض يعتقد بأنه القوامة تعني أن يستولي على كل مصادر دخل العائلة، من زوجة أو ابنة، لأنه هو من يقوم بالصرف وتدبير شؤون الأسرة، ولأنهن من جهة أخرى، لا يعرفن كيف يتدبرن الصرف، بحجة أنهن مسرفات ولا يدركن قيمة المال، فكيف لو وضع في أيديهن مثل هذه الأموال، أياً كانت قيمتها، حتى لو كانت مكافأة حافز، أو حتى مكافأة الطالبات الجامعيات!
يقول مستشار أسري واجتماعي في لجنة التنمية الأسرية في الدمام، إن 40 بالمائة من المشاكل الزوجية على مستوى المملكة بسبب مكافأة برنامج حافز، ورغم شعوري بأن نسبة الـ 40 بالمائة، هي نسبة مبالغ فيها، ورغم أنني أتمنى ألا تكون صحيحة، إلا أن مجرد تفكير الزوج بهذا المبلغ (الطفسة) وكيف يقوم بـ (لهفه) يجعلني أقول له، ولمن هو على شاكلته: أنت فعلاً عديم المروءة!