فاصلة:
«القلق يجعل ظلاً كبيرًا لشيء صغير»
-حكمة عالميَّة-
المجهول هو منطقة خطرة ومخيفة في ذهن المبتعث، فهو سيعيشه في تفاصيل تجربته الدراسيَّة والحياتيَّة، وهو سيترك بلاده إلى بلاد مختلفة وسوف ينتقل من بيئة الدراسة الضيقة التي يعرفها إلى جامعات عالميَّة لا يعرف شيئًا عنها.
يتضح قلق المبتعثين في أسئلتهم الدائمة والمتنوعة التي يطرحونها في المنتديات أو حتَّى في لقاءاتهم بأشخاص عاشوا تجربة الابتعاث وهناك أسئلة مختلفة ومتنوعة تبرز قلقهم، فالأسئلة المُتَعَلِّقة بالمعيشة هي مثل: هل المدينة غاليَّة المعيشة؟ كيف هي أسعار السكن؟ هل المدينة آمنة؟ والاستفسارات المُتَعَلِّقة بالدراسة تكون مثل هل هذه الجامعة سهلة في أنظمتها الإدارية؟ هل الدراسة في هذه الجامعة سهلة؟ كم مدة الدراسة؟ واستفسارات أخرى مُتَعَلِّقة بالأسرة مثل مدارس الأبناء ونظام التَّعليم والمدارس السعوديَّة.
المبتعثون لا يتوقفون عن طرح هذه الأسئلة ولست ألومهم، فقد كان رأسي يمتلئ باستفسارات كثيرة في بداية ابتعاثي، لكن أعتقد أننا أكثر حظًا من الجيل الذي بدأ ابتعاثه قبل ثلاثة عقود من الزَّمَان، فالآن توجد وسائل اتِّصال معلوماتيَّة لم تتوفر لِمَنْ سبقونا في التجربة.
هناك العديد من المنتديات الإلكترونيَّة التي أسسها طلاب أدركوا مسئوليتهم تجاه أنفسهم وتجاه العلم حيث زكاته نشره.
من أهمها في وجهة نظري كوني استفدت منه «ملتقى الطلاب السعوديين في بريطانيا» وهناك كثير من المنتديات المخصصة لطلاب مبتعثين في مدن أخرى استطاعت أن تكون دليل المبتعث بالإضافة إلى وجود «جوجل» وهو نعمة معلوماتيَّة خطيرة لِمَنْ يدرك أهميتها.
لا أتخيل في هذا الزَّمن المعلوماتي أن يسافر طالب من بلاده إلى بلد الابتعاث دون أن يبحث عن معلومات عن البلد والتخصص وكل شيء.
يفترض أن نتجاوز مرحلة سؤال أصدقائنا والنَّاس عن تجاربهم لأنّها ستكون تجارب ذاتيَّة إلى البحث واستقصاء المعلومات بشكل جاد بعيدًا عن الانطباعات الشخصيَّة.. «جوجل» وسواه من المحركات يعطينا كمًا متعددًا من التجارب وكمًا أكبر من المعلومات التي تجعلنا أكثر إلمامًا بالمجهول الذي نخافه حتَّى قبل أن نواجهه.
علينا أن نقرأ ونبحث عن المعلومات ليس لكي نعرف: هل هذه الجامعة سهلة أو هذه البلدة سهلة في المعيشة، بل لكي تتوسع مداركنًا حول التجربة ذاتها، فالذي قرَّر أن يترك أهله ووطنه ليتعلّم أولى به أن يترك القلق والخوف وراء ظهره ليمارس قراره الشجاع بخوض تجربة جديدة وثريَّة فقط إن أرادها كذلك.
nahedsb@hotmail.com