سعادة رئيس تحرير صحيفة الجزيرة وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشير إلى المقال المنشور في صحيفتكم الموقرة للكاتبة ناهد باشطح في زاويتها (مسؤولية) بعنوان: (متى تكبر النساء في مجتمعي) في يوم الثلاثاء من ذي القعدة 1433هـ العدد 147600 وقد أحببت التعليق على جزء من المقال المذكور وليس كله، فالمقال كله يتكلم عن المرأة في المجتمع السعودي ومتى تكبر وتكون راشدة ولكن ما جعلني حقيقة أتوقف عند كلامها الذي ذكرته ما قالته نصاً: (الرسائل الإعلامية والأنظمة من حول المرأة كمنعها من السفر دون موافقة الرجل وإجبارها على الوكيل لتؤسس مشروعاً تجارياً وإسكاتها عن الشكوى في المحكمة ضد زوج مستهتر وشراء إرادتها عن اتخاذ القرار المناسب يجعل أمامها الحاجة على الدوام والاستزادة من الصبر وقوة الإرادة لتحقق أهدافها هذا في حال استطاعت أن تقاوم الضغوط النفسية وإلا فالإحباط هو مصيرها والانكفاء على الذات حتى يقبل المجتمع حضورها الخفي والذي يكرس مفاهيم الجاهلية أكثر من تنفيذه لمبادئ الإسلام.
هذا ما سطرته الكاتبة هداها الله وكأن هذا الكلام الأخير في مقالها يتكلم عن مجتمع غير المجتمع السعودي الذي أكرم المرأة وأعزها أخذًا من مبادئ الشريعة الإسلامية فقولها عن منع المرأة من السفر إلا بموافقة الرجل فالمنع ليس من الرجل بل وحي صدر على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، فيما صح عنه بأن المرأة لا تسافر إلا مع ذي محرم حتى سفر الحج يسقط عنها وهو الركن الخامس من أركان الإسلام إذا لم تجد لها محرماً. والمحرم والولاية أمور شرعية ربانية للمحافظة على المرأة وكرامتها وليس تسلطاً عليها أو تعسفاً وليس ذلك من مفاهيم الجاهلية والمجتمع السعودي بحمد الله على عمومه متمسك بشريعة الإسلام الذي هو دستور هذه البلاد والقضايا الفردية أو الشاذة لا يشرع لها نظام أو قانون وتعالج حسب الشريعة الإسلامية المعمول بها في محاكم المملكة وبما نصت عليه الأنظمة التي لا تخالف الشريعة الإسلامية.
وأما قولها: إجبار المرأة على التوكيل عندما تريد تأسيس مشروع تجاري فالمعلوم أن ذمة المرأة المالية متى كانت بالغة راشدة مستقلة عن أبيها وزوجها وأخيها ولها الحق شرعاً في مباشرة أعمالها التجارية.
وأما قولها: إسكاتها عن الشكوى في المحكمة ضد زوج مستهتر فهذا الكلام مطلق ولا يصح فمن خلال عملي في سلك القضاء منذ ثلاثين عاماً لم أجد ما تذكر الكاتبة هداها الله وإن كان هناك قضايا عين وليس على العموم والإطلاق بل المعمول به في المحاكم هو تقديم قضايا المرأة والتعامل معهن بالحسنى، فالقضاة في المملكة ينظرون آلاف القضايا في الأحوال الشخصية من خلع وطلاق وحضانة وزيارة ونفقة ولا يمكن تعميم ما قالته الكاتبة هداها الله على قضاة المملكة فقد يكون هناك قضايا فردية تعالج في حينها.
وفي ختام تعقيبي أتمنى من الكاتبة وأمثالها ممن يكتبون عن قضايا المجتمع أن يتحروا الدقة فيما يكتبون لأن الله سألهم عن ذلك.
يقول تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}.
فلو رجعت الكاتبة هداها الله إلى إحصائيات وزارة العدل عن القضايا وتعامل القضاة مع المراجعين والمراجعات لاتضح لها الحقيقة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
د. محمد بن عبدالله العمار - القاضي في محكمة الاستئناف بالرياض