يأتي إعلان وزارة الداخلية في 8 أغسطس، بإلقاء القبض على شخصين مقيمين، تشادي، ويمني كانا يخططان لعملية انتحارية، وعلى اتصال مع قيادات القاعدة في الخارج.
المتهمان كانا يتواصلان مع تنظيم القاعدة عبر البريد الإلكتروني وعبر مُعرفات أغلبها كانت على شبكة “تويتر”،
واتضح من مضبوطات الإرهابيين التي شملت أجهزة حواسيب ووسائط إلكترونية وهواتف محمولة، تواصلهما مع الفئة الضالة في الخارج، إما عن طريق وسائط إلكترونية مشفرة، أو من خلال معرفات عبر شبكات التواصل الاجتماعي مثل (أبو الفدا، حسبوي، معاوية المدني، رصاصة في قصاصة، أبو الفدا الدوقلي)، لتبادل المعلومات حول عمليات انتحارية وشيكة في المنطقة ليلقي الأضواء على الجرائم الإلكترونية.
الإنترنت هي إحدى أهم التقنيات الحديثة فلقد حقق مستخدمو الإنترنت في العالم العربي أكبر وتيرة نمو في العالم كله في الفترة بين 2000-2007م بلغت نسبتها 93.18% بعدد يتراوح بين 28-33 مليون إنسان من المجموع العالمي للمستخدمين والبالغ عددهم 1,319 بليون مستخدم بنهاية ديسمبر 2007م.. وأصبح المتكلمون باللغة العربية يمثلون المرتبة العاشرة في العالم، وهذا الرقم مرشح للارتفاع وبسرعة هائلة حيث ما زال يُعتبر ضئيلاً إذا ما قُورن بالدول الأخرى إذ يُشكّل العرب المتعاملون مع الإنترنت 7، 5% من عدد السكان، بينما في أوربا فيبلغ 35، 5% من العدد و 67، 4% في أمريكا الشمالية و 17% من سكان الصين يتعامل معها.. وتذكر إحدى الدراسات الحديثة أن هنالك 4.5 مليون سعودي يتعاملون أو تعاملوا مع الإنترنت أي 18% من سكان المملكة، الغالبية العظمى من هؤلاء هم من جيل الشباب، وذكرت الدراسة أن نسبة منهم دخلت مواقع فاسدة أخلاقياً أو فكرياً وهذا بحد ذاته مشكلة.
لقد ظهر التزاوج بين الإنترنت والإرهاب بشكل أكبر وضوحاً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، فلقد انتقلت المواجهة ضد الإرهاب من مواجهة مادية مباشرة واقعية انتقلت إلى الفضاء الإلكتروني، حيث أصبح الإنترنت من أشد وأكبر الأسلحة الفتاكة.. ولقد استخدم أرباب الفكر الضال والإرهاب الإنترنت في معركتهم على عدة محاور أهمها: أن يصبح الإنترنت عاملاً مساعداً للعمل الإرهابي التقليدي المادي وذلك بتوفير المعلومات الضرورية عن الأماكن المستهدفة أو كوسيط في عملية التنفيذ، وثانياً هو تأثير الإنترنت العضوي والنفسي من خلال التحريض على بث الكراهية والحقد وحرب الأفكار، وثالثاً: الإنترنت يعطي صورة رقمية من خلال استخدام آلياته الجديدة في معارك تدار رحاها في الفضاء الإلكتروني والتي لا يقتصر تأثيرها على بعدها الرقمي وتتعداه لإصابة أهداف أخرى.
ولقد تطورت المواقع الإرهابية والتي تنشر فكر القاعدة وغيرها من المنظمات الإرهابية من أربعة مواقع في عام 1998م إلى قرابة العشرة في 2001م ومن أحداث الحادي عشر من سبتمبر حصل لهذا الفكر انفجار في العدد والسعة والكثافة فتحولت من عشرة إلى قرابة أربعة آلاف في غضون أربع سنوات، وهي اليوم تُعد حسب إحدى الإحصائيات أقرب للعشرين ألف موقع.
لقد أصبحت الخلية الإرهابية لا يهمها كم من الناس قتلوا بقدر ما يهمها كم من الناس شاهدوا وتفاعلوا مع الحدث الإرهابي، وهذا حوَّل أفراد الخلية الإرهابية من مجموعة قليلة من الناس مبعثرة جغرافياً لتُشكّل مجتمعاً خاصاً بها يساعدها على الالتحام والتواصل الدائم، هذا الأمر يُوهم الآخرين بأن هذا المجتمع كبير وغير محدد الأبعاد الكمية وقوي ومنظم.. بينما هو على العكس تماماً فقد تكون هذه الخلية قائمة على شخص واحد أو شخصين مع أجهزة حاسب محمول والكثير جداً من وقت الفراغ.
يجب أن نعترف بأن الإرهابي بالأمس كان يتسلح ببندقية، أما إرهابي اليوم فجهاز حاسب محمول وهذا الذي حول الإنترنت لأداة رئيسة في النشاط الإرهابي الدولي.. لقد خدم الإنترنت الخلية الإرهابية من حيث تضخيم الصورة الذهنية لقوة وحجم تلك الخلايا والتي تمتلك عدداً قليلاً من الأفراد لديهم أو لدى أحدهم خبرة بالإنترنت وبرامج الملتيميديا لبث رسائل إعلامية تخدم أهدافهم لشن حرب نفسية ضد مستهدفيها والدعاية لأهدافها وأنشطتها بعيداً عن وسائل الإعلام التقليدية.. كذلك لتحقيق الترابط التنظيمي بين الجماعات والخلايا ولتبادل المقترحات والأفكار والمعلومات الميدانية حول كيفية إصابة الهدف واختراقه والتخطيط والتنسيق للعمل الإرهابي.. كذلك في تدمير مواقع الإنترنت المضادة واختراق مؤسسات حيوية أو حتى تعطيل خدماتها الإلكترونية.
إن أهم العناصر التي تخدم الخلايا الإرهابية والتي توفرها لها الإنترنت:
) التنقيب عن المعلومات: حيث إن شبكة الإنترنت عبارة عن مكتبة مليئة بالمعلومات الحساسة.
) الاتصالات: حيث تساعد الشبكة الإلكترونية على الاتصال بين أعضاء الخلية الإرهابية بعضهم ببعض والتنسيق فيما بينهم وذلك لقلة تكاليف الاتصالات مقارنة بالوسائل الأخرى، كما تمتاز بوفرة المعلومات التي يمكن تبادلها بالصوت والصورة.
) التعبئة وتجنيد إرهابيين جدد: وهذا الأمر يحافظ على استمرار الخلية وبقائها، وهم يستغلون تعاطف الآخرين من مستخدمي الإنترنت مع قضاياهم ويجتذبون الصغار بعبارات حماسية مثيرة خاصة من خلال غرف الدردشة الإلكترونية.
) إعطاء التعليمات والتلقين الإلكتروني: وذلك بواسطة مواد مرئية ومسموعة تشرح وببساطة طرق صنع القنابل والأسلحة الكيماوية.
التخطيط والتنسيق: حيث تُعتبر الإنترنت وسيلة اتصال بالغة الأهمية بالنسبة للمنظمات والخلايا الإرهابية، حيث تتيح التنسيق لشن هجمات إرهابية ويستخدم أرباب الإرهاب emails و chat rooms وغيرها لتدبير الهجمات الإرهابية وتوزيع الأدوار وتنسيق الأعمال والمهام لكل عضو في الخلية.
) الحصول على التمويل حيث إن أرباب الإرهاب يحصلون من الإنترنت على قوائم إحصائية سكانية للتعرف على الأشخاص ذوي القلوب الرحيمة، ومن ثم استجداؤهم لدفع تبرعات وصدقات وزكوات لأشخاص اعتباريين أو مؤسسات خيرية يمثلون واجهة لهؤلاء الإرهابيين، وذلك بطرق لا يشك فيها المتبرع بأنه يساعد إحدى المنظمات الإرهابية.
) مهاجمة المنظمات الإرهابية الأخرى: حيث إن الانترنت هي حلبة مصارعة بين المنظمات وبين الخلايا وحتى أعضاء الخلية الواحدة وتمتلئ المواقع الإلكترونية بالسباب والتشاتم واللعان بينهم.