أصبح كثير من الناس متعلقاً بشرب الشاي الصيني. ظناً منه أن فيه فائدة تفوق غيره من المشروبات. وربما بالغ البعض لدرجة تفوق الوصف، وهذا أمر في ظني أنه مجانب للصواب، ولعل من المفيد أن اكتب شيئاً عن أنواع الشاي الصيني للتذكير حتى وإن كنت قد كتبت عنه فيما سبق. فالصين تعتبر بلد الشاي، ومن المعتقد أن هذه الشجيرة الهامة في الحياة الصينية قد كانت معروفة منذ أكثر من ستة آلاف سنة، أما استخدام أوراقها بالأسلوب المتبع في الوقت الحاضر فقد يعود إلى نحو ألفي عام من يومنا هذا.
واليوم يزرع الشاي في أكثر من أربعين دولة، منتشرة في انحاء العالم، وتعتبر آسيا القارة الرئيسية لإنتاجه، حيث تنتج ما يزيد عن 90 بالمائة من الكمية المنتجة عالمياً، ويسمى الشاي في العالم بأسماء مختلفة طبقاً للغاتهم، لكن ذلك في مجمله نابع من تصحيف لكلمة “شا” الصينية فهو لدى العرب يسمى “شاي”، ولدى الانجليز ومن يتحدث لغتهم “تي” والروس يسمونه “شاي” أما اليابانيون فهم يكتبونه بنفس الأشكال التي يكتب بها في اللغة الصينية، أما في اللغة الأوردية فهو يسمى “جاي” وفي اللغة الاسبانية والفرنسية “تي” أما في اللغة الصومالية السائدة فاسمه “شاه” ويمكن تقسيم الشاي إلى فئات طبقاً لأساليب تجهيزه وهي:
- الشاي الأخضر: ويعتمد على ترك أوراق الشاي دون تخمير أثناء التجهيز، وتتم زراعته وإعداده في مناطق كثيرة من الصين ولاسيما في الجنوب الغربي.
- الشاي الأسود: أو الشاي الأحمر كما يحلو للبعض أن يسميه وهو أقرب لوصف لونه، وهذا يتم تخميره قبل تحميصه، ويتواجد في مناطق كثيرة منها جونان، وسوشوان، وشاندونغ.
- شاي وولونغ: وهو يعتبر مرحلة وسطية في الإعداد بين الشاي الأحمر والشاي الأخضر أي أنه يتم تخميره بشكل جزئي، كما يتم تحميصه بشكل جزئي أيضاً، وتتميز به مقاطعات دون أخرى، ولا سيما تلك الواقعة في الجنوب الشرقي مثل “تايوان وفوجيان”.
- الشاي المضغوط: يضغط الشاي على أشكال مختلفة منها المربع، والمستطيل، والدائري، والمثلث وغيره من الأشكال المختلفة، وتساعد طريقة تجهيزه على سهولة نقله، وقدرته على التحمل، لكونه يتكون من كتل مضغوطة، ولهذا فإن البعض يسميه “شاي الكتل” وينتج هذا النوع من الشاي في مقاطعة خيبيه، وخينان، وينان، وسيشوان.
- الشاي العطري: وهو يتكون من مجموعة من الزهور العطرية، تختلط من أوراق الشاي أثناء التجهيز، وهذا الشاي غالباً ما يكون الياسمين، وزهور أخرى وهذا النوع من الشاي يتمتع بطلب أكثر في بعض مناطق الصين، ولاسيما الشمال، كما يجد قبولاً كبيراً لدى بعض المجتمعات والدول في العالم.
وشجرة الشاي تحتاج إلى خمس سنوات قبل أن يتم قطف أوراقها، ويستمر القطف بعد ذلك لمدة قد تصل إلى ثلاثين عاماً، غير أن المدة قد تزيد أو تنقص طبقاً لدرجة العناية بالشجرة، والظروف المناخية المحيطة، وبعد ذلك يمكن قطع الجذع حتى تقوم الجذور ببناء سيقان جديدة، تستمر لمدة خمس سنوات أخرى يتم بعدها جني الأوراق، لمدة ثلاثين عاماً قادمة، وهكذا تستمر الحال لمدة مائة عام أو تزيد.
ولا بد من توفر ظروف بيئية مناسبة لنمو الشجرة، من مياه كافية، وأجواء مناسبة، وعناصر غذائية مثل النيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم والعناصر النادرة من الأسمدة العضوية، دون استخدام المبيدات الحشرية نظراً لأن الأوراق تستخدم مباشرة من قبل الإنسان وغالباً ما يتم التخلص من الشجرة المصابة واستبدالها بشجرة جديدة.
ولعل بقائي في الصين سنوات عديدة جعلتني أطلع على حرص الصينين الكبير استخدام الشاي بأنواعه المختلفة وقناعتهم بفائدته الكبيرة دون النظر إلى الآثار الجانبية التي قد يسببها الإكثار من الشاي، وعموماً فإن الافراط أو التفريط من أي شيء مضر للإنسان.