لا شك بأن السلاح الكيماوي سلاح رهيب، وغير إنساني ألبتة، هذا إذا ما اعتبرنا أن الأسلحة يمكن أن تصنف بحسب التدرج الإنساني، فكل شيء يقتل هو بالضرورة غير إنساني، ولكن هناك ما هو أكثر بشاعة وإيذاء للبشر، والأسلحة الكيماوية كما الأسلحة النووية من أكثر الأسلحة إيذاءً للبشر، إلا أن هناك أسلحة تدمر البشر وتقتل أكبر عدد منهم ومن هذه الأسلحة الصواريخ الحاملة للرؤوس المعبأة سواء بالغازات السامة أو الأسلحة البيلوجية التي تنشر الوباء والأمراض في المناطق التي تطلق عليها، وصواريخ محملة برؤوس معبأة بالمتفجرات التي تدمر الأماكن والمنازل، وهناك الطائرات الحربية التي تحمّل بالصواريخ لتنقل الموت للمدن والبنايات من مدارس ومستشفيات ومنازل، ولهذا فإن كل هذه الأسلحة تعد أسلحة دمار شاملة نسبة لما تسببه من دمار وموت للمناطق التي تستهدفها.
وهكذا وفي الوقت الذي ينشغل فيه العالم بإيجاد وسيلة لوقف شرر نظام بشار الأسد والحد من إجرامه في استعمال الأسلحة الكيماوية لقتل الشعب السوري ارتكبت قواته الجوية يوم الأحد جريمة بشعة لا تحتاج إلى إرسال فرق تفتيش ولا يمكن اتهام أطراف أخرى في تنفيذ الجريمة، غارة جوية نفذتها طائرات حربية مقاتلة من نوع ميج 23 على مدرسة ثانوية في محافظة الرقة شمال شرق سوريا والحصيلة الأولية مقتل 14 طالباً من طلاب الثانوية التجارية في محافظة الرقة غالبيتهم دون سن الـ 18 عاماً.
جريمة مثبتة أمام الجميع، الطائرات المقاتلة التي دفع الشعب السوري تكاليفها للدفاع عن الوطن تستعمل لقتل أبناء الوطن من شبابه وتستهدف مكاناً لتلقي العلم، تدمير مدرسة ثانوية في بلد يعاني من قلة المدارس على حساب التوسع في إقامة السجون والمعتقلات!!
هذه الجريمة البشعة التي لم تستطع الكثير من الفضائيات التلفزيونية نقل مشاهدها وصورها لبشاعة صور القتلى من الطلاب، خيرة شباب سوريا، فهل يظهر علينا من يدافع عن مثل هذا النظام القاتل ويدعي أن ثانوية الرقة كانت معسكراً للإرهابيين؟ وأن الطلبة الذين اختلطت كراساتهم وكتبهم بدمائهم من تنظيم القاعدة أو النصرة أو غيرهم ممن استدعوا لإرباك المشهد في سوريا بعد أن أطلق النظام السوري من سجونه قادتهم وسهل حليفهم الحكم في العراق خروجهم من معتقلاتهم وتيسير وصولهم الى سوريه هل يظهر علينا من مرتزقة الإعلام في لبنان ومصر وسورية من يتهم الضحايا ويبرئ النظام القاتل؟!
نظام بشار الأسد قبل جريمة استعمال الأسلحة الكيماوية في الغوطتين أوقع أكثر من مائة وخمسين ألف قتيل من أبناء الشعب السوري، وعمليات القتل تمت بالصواريخ والطائرات والبراميل المتفجرة، ولهذا فإن من يبحث عن وقف الشر والإرهاب وعمليات القتل التي يتعرض لها الشعب السوري عليه أن يوقف هذا الإجرام ويجرد النظام السوري من أدوات الإجرام من طائرات وصواريخ، وجريمة ثانوية الرقة تقدم الدليل والمبرر الشرعي لتحركٍ من هذا النوع.