الخطوة التي خطتها وزارة العمل ممثَّلة بإدارة حماية الأجور، تُعد بحق تطوراً نوعياً في أدواتها للبحث عن حلول ممكنة من أجل حل معضلة الرواتب والأجور، ولا سيما لمن هم يتقاضونها قليلة أو مُجتزأة على نحو رواتب العمال والعاملات، الذين يقومون بمهام دخلها بسيط لكنها أعمال مهمة وعظيمة، فيجدر بنا الالتفات إلى معاناتهم، على نحو عمال النظافة والخدمات الإنسانية ومواجهة الجمهور على نحو المسعفين والمساعدين والممرضين، ومن هم في حكمهم.. فهؤلاء بحق ينتظرون مزيداً من الرعاية والاهتمام.
(إدارة حماية الأجور) بوزارة العمل هي نقطة مهمة ونافذة عملية وواقعية لضمان وصول المستحقات لهؤلاء العاملين والعاملات في القطاعات المختلفة، فالأمل أن تسهم هذه الإدارة الجديدة في تحريك الراكد في معاملات والتزاماتنا تجاه هذه الفئة التي تقوم بأعمال كبيرة ومهمة وشاقة، ومع ذلك فالأجور متدنية، بل الأخطر من ذلك أنها عرضة للتأجيل والتأخير والحسومات على نحو رواتب عمال النظافة والعمالة المنزلية بوجه خاص.
قد يستغرب ما ذكر عبر وسائل الإعلام من امتعاض بعض رجال الأعمال ومديري كبار الشركات الذين لم تعجبهم فكرة أو مشروع حماية الأجور، أي أن هذه الخطوة ستبدأ بمحاسبتهم وتطالب بقوائم حقيقية معتمدة وفعلية، ولا سيما حينما تكون أولى خطوات حماية الأجور متمثلة بإيداع الرواتب والمستحقات من خلال البنوك، لضمان ثبات الصرف ووصول المستحقات.
أما سبب امتعاضهم الآخر والذين يلمحون إليه ولا يصرحون، فإنه يتمثَّل في أنهم يرون أن هذا البرنامج وغيره قد يُطبق على البعض منهم، ويفلت منه آخرون، وهم كثر، حيث ثبت ذلك من خلال نظام التوطين والسعودة والنطاقات وحافز، وما إلى تلك المحاولات الرامية إلى خلق مناخ عملي مناسب لا يشعر فيه العامل بالغبن أو الظلم.. فتطبيق برنامج حماية الأجور على العمالة المنزلية مطلب مهم وحيوي وسيحسم الكثير من التجاوزات وغمط هذه الفئة بعض حقوقها المادية التي تُشكّل عصب الحياة لهؤلاء، فربما يسهم هذا التنظيم في خلق مجال عملي يتسم بالإنسانية والرقي في التعامل.
ومن أجل أن لا يكون الراتب لهذه الفئة من العمالة على نحو عمال النظافة والعمالة المنزلية من خادمات وسائقين عرضة للإيقاف والتلاعب والتأخير الذي قد يسبب ردة فعل ما، من قبيل التوقف عن العمل، أو القهر وترك الخيارات مفتوحة على صور أليمة وعنيفة، وهذه الإرهاصات بلا شك هي من قبيل التراكمات التي تنشأ من تأخر المستحقات والرواتب.
ولا ننسى في هذا السياق أن يكون هذا البرنامج الوطني الإنساني الرائد مصمماً بالأصل لرواتب العمالة السعودية التي هي في مسيس الحاجة للرعاية والاهتمام من أجل أن تستكمل الجهود لبناء قاعدة ونظام مالي ينطلق من القاعدة ليُؤسس لهذه الحالة الإنسانية البسيطة، من أجل أن يحصل العامل على حقوقه بيسر وسهولة دون مِنَّة أو تجاوز من بعض أرباب العمل أو الكفلاء.
كما أن قلة الرواتب وتواضعها قياساً إلى حجم الأعمال التي يقوم بها هؤلاء، باب آخر يحتاج إلى مزيد من إعادة نظر، لأنها أعمال مهمة وكبيرة، ولنستفيد إن أعيتنا الحلول من تجارب الآخرين في هذا المجال.