ما من دائرة حكومية إلا ولها أخطاء، سواء منها أو من بعض أفرادها. وقد قال صلى الله عليه وسلم: «كلكم خطاء وخير الخطائين التوابون»، وهذا شيء واقع ومعلوم. والمفروض من المسلمين الستر على المخطئ بل المتعمد مع مناصحته، وفي الحديث «ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة». لكن مع هذا نرى بعض الصحفيين يحصون الزلات على هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دون غيرها. والمعروف أيضاً أن الذي يحصل منه خطأ من بعض أفراد الهيئة أو من غيرها - إن قُدّر حصوله - فالذي وقع عليه ضرر من جراء ذلك هو الذي له حق العفو أو المطالبة بحقه، بينما نرى بعض الصحفيين يتلمس دائماً الأخطاء التي قد تحصل من أفراد الهيئة، ويعلنها، ويشهرها، وهو لم يوكل من صاحب الحق، وهل هذا إلا من الافتئات والتدخل فيما لا يعنيه؟ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه». أم أنه الهوى والتغرض لجهاز حكومي لحفظ السلامة للمجتمع من الهلاك؛ فهو صمام الأمان؛ قال تعالى عن الأمم السابقة: {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ}، وقال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ..}؟
إن الواجب على كل مسلم، سواء كان صحفياً أو غيره، هو التعاون مع الهيئة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بدلاً من الطعن فيها والتماس الأخطاء لها أو تفخيمها. ولو قُدّر وحصل خطأ من أفراد الهيئة فالمطالبة به من حق وقع عليه الخطأ، أو العفو عن ذلك، ثم إن هناك جهات رسمية هي التي تنظر في حل المشاكل، وليس هذا من شأن الصحافة، ثم إن هذا العمل من الصحافة يشوه المجتمع السعودي، ويجعله كأنه مباءة للفوضى وعدم الانضباط، والهيئة لها رئاسة ولها نظام يُرجع إليه في حل مشاكلها، وليس من حق الصحافة التدخل في شؤونها، ولها حصانة تمنع التطاول عليها؛ فنرجو من الصحافة الموقرة أن تبقى في دائرة اختصاصها، وتصلح من شؤونها، ولا تخرج عن محيطها.
وفَّق الله الجميع لما فيه الخير للإسلام والمسلمين.