روما - موفد الجزيرة - سعد العجيبان:
صناعة الفارق، هي دائماً كلمة السر للنجاح، وثمة عوامل مساندة «أساسية» أو «نسبية»، تدعم تحقيق الأهداف، التي تتطلب بذل جهود مضاعفة في زمن ومكان صحيح.
فالمكترث لتحقيق نجاحات تلو الأخرى هو من يستحضر نقاط قوته في كل عمل يقوم به؛ خاصة عندما يكون العمل المقدم موجهاً لمن هم مختلفين عنه في الديانة والحضارة والثقافة والموروث عندها يكون تقديمه لنفسه ولحضارته وثقافته وموروثه ذا قيمة مقدرة لدى المتلقي «المختلف».
الأمر، كان لفعاليات الأيام الثقافية السعودية في روما، هذا الحدث سجل تاريخية، وصنع الفارق في مناح عدة، فقد حظي بتميز المكان والزمان للتنظيم، ونال استحسان وقبول زائره الإيطالي والسياح الأجانب، وأثار رغبة لديهم، باستمراره لمدة أطول، فقد عاش معظمهم حالة ذهول مما قدم وعكس الصورة الحقيقية للمملكة وشعبها، ولما وصلت إليه من تقدم ونمو، فاق كبريات الدول.
فالصورة الذهنية لدى الغرب لم تعد تتعلق، بـ «تمر» يقدم مع «القهوة».. أو في «برقع» ترتديه المرأة، أو في شباب «مترف» غير عامل أو منتج، و»برميل» نفط «متحرك» متخم بالمال، فما قدمته الأيام الثقافية السعودية في روما، عكس الصورة الحقيقية المشرقة والمشرفة.. لدولة ذات حضارة، وشعب ذي قيمة حقيقية، له ما ليس لغيره، ولديه ثقافة وموروث، وتنوع وانفتاح على الآخر، دون الإخلال بثوابته الدينية والاجتماعية الراسخة. وحملت تلك الفعاليات المتنوعة والمركزة، رسائل عدة، رسخت لدى الشعب الإيطالي الصديق، الذي تناول إعلامه المحلي الفعاليات بالإيجاب، رسخت حقيقة الشعب السعودي، ومكانة دولته، فما كان لهذه الأيام «السريعة» والغنية بالفعاليات السياسية والاقتصادية والأكاديمية والشبابية والثقافية والفنية إلا عنوان واحد، وهو أنها صنعت الفارق، وحققت النجاح بما يفوق التوقعات؛ فكان للسعوديين في قلب روما، أصالة تحكي قصة المملكة.
قبل الاختتام
فعاليات الأيام الثقافية السعودية في روما، تضمنت عدة جوانب ذات ثقل نوعي، فلقاءات الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية برئيس الوزراء الإيطالي ووزيرة الخارجية والمسؤولين.. لم تحمل الجانب والوضع السياسي الإقليمي والدولي؛ فثمة ما كان يخص الشأن الاجتماعي السعودي، عن وضع المرأة، فقال سموه للإيطاليين ( في المؤتمر الصحفي مع نظيرته الإيطالية): لا «تخافوا» على وضع المرأة السعودية، فهي تحقق نجاحات متواصلة، وتفوقت على الرجل في مناح عدة، وتنال حقوقها وتأخذ دورها بالكامل.. ولها مساهمة كبيرة في تنمية وطنها بالاشتراك مع شقيقها الرجل، وأورد سموه في شأن آخر حرص المملكة على عدم التدخل في شؤون الآخرين، إلا من باب النصيحة.
بصمة مختلفة
الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العليا للسياحة والآثار، حمل رسائل أخرى، ذات طابع خاص، ما جعل لها بصمة مختلفة، فحين زيارته لمعرض الفعاليات، وجولته على أجنحته، لفت انتباهه، عدم ارتداء بعض القائمين على أحد الأجنحة للزي السعودي، فما كان منه إلا توجيههم بضرورة ارتدائه والفخر به، ولم يتردد سموه في وضع الأعلام السعودية على «صدر» عدد من القائمين على أجنحة المعرض، في حين كان يلبي رغبة الزوار بالتقاط الصور التذكارية مع سموه، ولم يغفل «هوايته» بالتصوير لكل ما يلفت انتباه سموه ويعجب به من خلال جهاز «هاتفه المتنقل (آي فون 5)، عاكسا سموه اهتماما وإعجابا بما يقدم من الفعاليات.
اختتام الفعاليات
صاحب السمو الأمير محمد بن سعود بن خالد وكيل وزارة الخارجية لشؤون المعلومات والتقنية أكد أن فعاليات الأيام الثقافية السعودية في روما حققت النتائج المرجوة منها بشكل لافت تجاوز المتوقع.
وبين سموه في تصريح صحفي عقب اختتام الفعاليات أن عدد الزوار لمعرض الفعاليات تجاوز 10 آلاف زائر يوميا، متمنياً أن تكون الفعاليات والأنشطة قد قدمت صورة مشرقة عن الشعب السعودي والوجه الذي كان لا يراه الشعب الأوروبي والإيطالي على وجه الخصوص.
ليس لدينا ما نخفيه
وأضاف سموه أن الإيطاليين شاهدوا ثقافة المملكة وفنونها وشبابها ورجال أعمالها، مشيرا إلى أن الفعاليات أتت بكل شيء، وليس لدينا ما نخفيه فنحن شفافين تحت ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين ونسعى للأفضل كل يوم ومن أحسن إلى الأحسن.
تفعيل القواسم المشتركة
وعن التماس قبول لدى الشعب الإيطالي لما قدم من فعاليات قال سموه: إن التعليقات في الإعلام الإيطالي كانت إيجابية ونتمنى أن تستمر تلك الإيجابية؛ فعلى المستوى السياسي جاءت تعليقات رئيس الوزراء ووزيرة الخارجية لتعكس حماسهما لهذه الزيارة والفعاليات المقامة، ويتمنون استمرار مد جسور التواصل بين الشعوب؛ فالقواسم المشتركة لما فيه خير الإنسانية كثيرة، مطالبا سموه بتفعيل تلك القواسم، وترك الأمور التي نختلف فيها للزمن.
حوار الشعوب
وعن مدى تأثير الفعاليات الثقافية على الحالة السياسية وانعكاسها بشكل إيجابي العلاقات الثنائية بين الدول رأى سموه أن أحسن حوار هو حوار الشعوب مع بعضها، والمشاركة بفعاليات ثقافية وفنية وأكاديمية ستؤدي مفعولها وستوصل الرسالة التي نريد إيصالها للآخرين عن حقيقية عن الشعب السعودي.
وكانت قد اختتمت في العاصمة الإيطالية روما فعاليات الأيام الثقافية السعودية بمناسبة مرور ثمانين عاما على العلاقات الدبلوماسية بين المملكة وإيطاليا بحضور صاحب السمو الأمير محمد بن سعود بن خالد وكيل وزارة الخارجية لشؤون المعلومات والتقنية وسفير خادم الحرمين لدى إيطاليا صالح الغامدي.
تكريم
وقد قام سموه بتوزيع شهادات الشكر والتقدير للوفد الشبابي السعودي والإيطالي المشارك ضمن فعاليات منتدى العلاقات السعودية الإيطالية.
وقد تابع سموه العروض الشعبية والفلكلورية والموسيقى السعودية مع الحضور كما شارك في أداء العرضة السعودية، وعقب الحفل شكر سموه أعضاء الفرق الموسيقية والشعبية على إبداعهم في تقديمهم صورة مشرقة عن المحتوى الموسيقي والشعبي السعودي، مؤكدا أن ذلك جاء من منطلق حبهم لوطنهم ولتمثيله بصورة مشرفة لدى الآخرين.
نجاح باهر
من جهته قال وكيل وزارة الثقافة والإعلام للعلاقات الثقافية الدولية الدكتور عبدالعزيز الملحم:
إن هذا النجاح الباهر لهذه المناسبة كان وراءه عدد كبير من القائمين عليه من إداريين وإعلاميين والمشاركين، وبمتابعة يومية من معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز بن محيي الدين خوجة ونائبه الدكتور عبدالله الجاسر.
وأضاف أن اليوم الأخير للفعاليات شهد إقبالا كبيرا، حيث بلغ عدد الزوار في الفترة الصباحية 6400 زائر، فيما بلغ عددهم 7600 زائر، وبلغ متوسط عدد الحضور للمناسبة خلال أيامها الأربعة 42500 زائر.
اعتزاز
وأشار د. الملحم إلى أن الفعاليات سلطت الضوء للشعب الإيطالي على ثقافة المملكة وحضارتها وما تملكه من موروثات وقيم ما كان لها من الأثر الكبير على جميع فئات المجتمع الإيطالي. وأشار إلى أن تلك الفعاليات أوصلت رسالة المملكة للعالم أجمع وللشعب الإيطالي بشكل خاص، بأن المملكة منفتحة على العالم وتعتز بدينها وقيمها وعاداتها.
إقبال
وكان اليوم الختامي قد لقي إقبالا كبيرا من جميع فئات المجتمع الإيطالي والسياح الأجانب وأفراد البعثات الدبلوماسية من الدول العربية والإسلامية ومن الدول الغربية.
وتجول الزوار في الخيمة المقامة لهذه المناسبة، التي تضم عدة فعاليات منها الخط العربي والفنون التشكيلية والتصوير الضوئي والطوابع البريدية والأزياء السعودية الرجالية والنسائية والخيمة الشعبية والحرف اليدوية ونقش الحناء وجناح التمور، وسط إبداء رغبة ملحة من الزوار لاستمرار هذه الفعاليات لوقت أطول.
زيارة الفاتيكان
وعلى هامش الفعاليات استقبلت دولة الفاتيكان وفدا طلابيا من شباب وشابات سعوديين، زاروا متحف كنوز الفاتيكان الذي يحتوي على عدد كبير من القطع الأثرية التي تعود إلى حقب قديمة من آلاف السنين.
كما استضاف الفاتيكان ورشة العمل الثانية بين شباب وشابات من المملكة ونظرائهم من إيطاليا، وفي بداية الورشة أشاد أحد القساوسة بمبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة والتي ذكر بأنها يمكن أن تعتبر من أهم البادرات للتقريب بين الأديان السماوية في العصر الحديث.