لقد حدثت تحولات جوهرية في مسار التعليم العالي بمملكتنا الحبيبة في الخمس سنوات الماضية نجم عنها افتتاح أكثر من 22 جامعة سعودية، وصاحب ذلك افتتاح أقسام التربية الخاصة في تلك الجامعات، وتم استقطاب الكثير من المعيدين والمعيدات لابتعاثهم للحصول على درجة الماجستير والدكتوراه في الدول المتقدمة في هذا المجال. وقد استبشر المختصون خيراً بأن مجال التربية الخاصة مقبل على الكثير من التطور والتقدم بما يخدم التلاميذ ذوي الإعاقات بخدمات تربية خاصة ومساندة ذات جودة عالية.
ثم تلا ذلك أن عقد قسم التربية الخاصة بجامعة الملك سعود في عام 1432هـ ندوة بعنوان «الرؤى المستقبلية لتطوير أقسام التربية الخاصة بالجامعات» شارك فيها رؤساء ووكيلات أقسام التربية الخاصة في الجامعات السعودية. ولقد تمخض عن تلك الندوة العديد من التوصيات من أبرزها «ضرورة استمرار التنسيق والتكامل بين أقسام التربية الخاصة فيما بينها، وكذلك مع الجهات ذات العلاقة بتأهيل ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة، وخاصة وزارة التربية والتعليم - ويقترح لقاء سنوياً».
وعلى الرغم من تلك التوجهات والتوصيات الإيجابية ووجود تلك الأقسام كشريك فاعل في تلك الندوة، إلا أنه للأسف استخدمت تلك الأقسام بوصلتها الخاصة في تحديد مساراتها دون النظر إلى مدى حاجة سوق العمل لتلك المسارات ودون التنسيق مع الأقسام الأخرى. ونتج عن ذلك أن ركزت معظم تلك الأقسام على ثلاثة مسارات تقليدية هي: صعوبات التعلم، الإعاقة الفكرية، الإعاقة السمعية. بل من المدهش أن من تلك الأقسام من أتاح مسارات دون وجود مسمى وظيفي لها من قبل وزارة الخدمة المدنية؛ كمساري تعدد العوق والتدخل المبكر، بل دون أي تنسيق مسبق مع وزارة التربية والتعليم والذي نتج عنه خريجات وخريجون دون مسمى وظيفي؟
هذه التخبطات التي قامت بها أقسام التربية الخاصة أوجد لدينا تكدساً في مخرجات تلك المسارات مما أوقع وزارة التربية والتعليم في حرج كبير لتوظيف تلك الأعداد الكبيرة من مخرجات تلك الأقسام. مما حدا بوزارة التربية والتعليم أن تطالب تلك الأقسام بتقليص قبول الطلاب والطالبات فيها دون أن تدرك الوزارة أن الحل ليس بهذه السهولة وأن تقليص القبول يعني مشكلة أخرى في تلك الأقسام والتي ابتعثت الكثير من معيديها للحصول على درجة الدكتوراه في هذه التخصصات الثلاث والذين سوف يعيدون خلال الثلاث سنوات المقبلة فماذا سوف تفعل بهم أقسامهم؟.
للأسف تخصصات التربية الخاصة أصبحت بين مطرقة وزارة التربية والتعليم وسندان أقسام التربية الخاصة في الجامعات السعودية.