كثيراً ما تكون الروح المعنوية لدى بعض العاملين في العديد من المنشآت منخفضة، وكثيراً ما نجد أن بعض المديرين لا يتمكنون من رفع معنويات زملائهم العاملين معهم، فتجدهم يحبطونهم بدلاً من أن يساهموا في تحفيزهم، ويقللون من شأنهم بدلاً من دعمهم وتطوير مواهبهم وقدراتهم.
إحدى كبرى الشركات العالمية عمدت إلى اكتشاف المواهب وتحفيز الموهوبين وإثارة الحماس لديهم، وذلك بأسلوب جديد من خلال وضع مكافأة مالية بقيمة 15 ألف دولار أمريكي لمكتشفي أي ثغرات أمنية في أنظمتها، والهدف من تقديم هذه المكافأة هو تشجيع الخبراء والموهوبين على تقديم مقترحاتهم والإبلاغ عن الثغرات التي يمكن اكتشافها في الخدمات التي تقدمها الشركة.
وقد قام بنشر هذا الخبر مدير الفريق الأمني في الشركة، مشيراً إلى أن أي بلاغ لوجود أي أخطاء، وبعد التحقق من وجود تلك الثغرات يتم توجيه خطاب شكر رسمي إلى مكتشف تلك الثغرة، ويتم تقديم المكافأة وفقاً لضوابط محددة تقوم على معايير من ضمنها خطورة الثغرة الأمنية التي تم اكتشافها في النظام.
هذا الأسلوب في التحفيز واكتشاف المهارات والقدرات هو ما نفتقده في كثير من المؤسسات والمنشآت الحكومية والأهلية، فلا تكاد تسمع في يوم ما عن جائزة لأفضل موظف أو جائزة لأفضل اقتراح، أو أفضل فكرة في تطوير العمل، أو غيرها من الجوائز التي تحفز العاملين على تقديم أفكار جديدة تساهم في تطوير العمل وتحسين الخدمات، بل أحياناً نجد عكس ذلك، فهناك من يعمد إلى إحباط أصحاب الأفكار الجديدة أو التأكيد عليهم بعدم التدخل في مجالات خارج اختصاصهم.
إثارة الحماس لا تقتصر على المكافآت المالية، بل هناك العديد من الآليات التي يمكن أن تحقق هذا الهدف، فالابتسامة والتقدير والكلمة الطيبة والشكر وغيرها من التعاملات الإنسانية تعمل أحياناً مفعولاً أكبر بكثير مما تقوم به المادة، فبعض الناس يمكن أن تثير حماسهم من خلال التركيز على الجانب المعنوي وليس الجانب المادي.
بعض المديرين يستكثر أن يمدح زملاءه إن أنجزوا عملاً مميزاً، والبعض الآخر يستمتع إن عرف عن حالة فشل أحدهم، والبعض يعرف أن زملاءه لا يجيدون عملاً ما ولكنه يصر على تكليفهم بهذا العمل ليثبت لهم أنهم فاشلون، وآخرون يشعرون زملاءهم بأن العمل الذي يؤدونه لا قيمة له، ولا يساهم في تقديم أي إضافة لهم ولا لعملهم، بل لا يعمد إلى تفويضهم في أي أمر ما، ولا يظهر لهم أيا من مظاهر الثقة، ويتجنب تكليفهم بأي أمر، فهم بالنسبة له همّ يتمنى أن يتخلص منه في أقرب فرصة، فكيف يمكن لمثل هذا أن يثير الحماس في نفوس زملائه؟
إثارة الحماس لدى الآخرين هو أسلوب مهم يقوم في الأساس على تقدير الناس وتطويرهم واحترامهم، وبعض المديرين يعمد إلى إثارة الحماس من خلال التأكيد على زملائه بأهمية أخذ قرارات في عملهم، حتى ولو كانت خاطئة، والبعض الآخر يحرص على تقديم مساحة من الحرية لزملائه تسمح لهم بتقديم الأفكار والاقتراحات المختلفة في سبيل تطوير العمل وتحسينه وحتى لو كانت غريبة..
بعض المديرين يعمد إلى إثارة الحماس لدى الآخرين من خلال تقديم نموذج للقدوة الحسنة، فتجده أول من يحضر إلى العمل، كما تجده حريصاً على الإنجاز وعدم التسويف وتنفيذ الوعود وتقدير الآخرين، وهذا كله منهج يساهم في إثارة الحماس لدى الآخرين ليكونوا مثله.
على المديرين أن ينشروا الروح الإيجابية في أرجاء منشآتهم، وأن يحرصوا على تجديد الحماس لدى منسوبيهم، ومن ذلك إلحاقهم بدورات تدريبية تطويرية بين فترة أخرى، فالعمل ضمن فريق متحمس له نتائج أفضل بكثير من العمل مع فريق محبط لا هم له سوى تمضية الوقت والانتهاء من الدوام الرسمي.
إنني أتمنى من كل مسؤول أن يعمد إلى وضع أفكار إبداعية ليتمكن من إثارة الحماس بين زملائه، وأن يسعى إلى تحفيز الموظفين ليقدموا أفضل ما لديهم من أعمال وأفكار تساهم في تطوير العمل.