تحت عنوان «قضايا في الترجمة» ناقش ملتقى جائزة خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة اختتم أعماله بمدينة ساو باولو البرازيلية على هامش حفل تكريم الفائزين بالجائزة في دورتها السادسة سبل تفعيل الترجمة كوسيلة للحوار بين الثقافات ودعم قدرة المؤسسات المعنية بالترجمة لأداء رسالتها في تحقيق التواصل المعرفي والإنساني بين أتباع الأديان والثقافات، وتجاوز ما يواجهها من صعوبات تؤثر سلباً على حركة الترجمة.
وتوصلت فعالياته على مدى 3 جلسات علمية إلى أهمية وجود مرصد عالمي لرحكة الترجمة، والتأسيس لمعايير علمية للترجمة، وتوفير كل الدعم للمترجمين لأداء دورهم في ترجمة أفضل الأعمال التي تعزز من فرص الحوار والتواصل المعرفي بين الثقافة العربية والثقافات الآخرى.
وتحدث البروفيسور محمد حبيب في أولى جلسات الملتقى مؤكداً أن النزاعات بين الشعوب لا يعود إلى اختلاف الأديان كما يروج البعض -بل ترجع لمصالح سياسية واقتصادية- تستخدم الدين في كثير من الأحيان ستاراً في حين أن الأديان ترفض هذا الصراع وتؤسس لكل ما يحقق التواصل والتعايش بين البشر.
وأشاد د.حبيب بجهود المملكة العربية السعودية في دعم الحوار بين أتباع الأديان والثقافات مدللاً على ذلك بمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والتي يجب أن تكون أسوة حسنة للتقارب والتعايش بين كل الدول والشعوب لافتاً إلى الترجمة لها دور كبير في تحقيق هذا التعايش.
وتطرق الدكتور حبيب عن الإمكانات التي يجب أن يمتلكها المترجم من كفاءة واقتدار ومعرفة بأسرار اللغات التي يترجم منها وإليها وإطلاع واسع على الثقافة التي يريد ترجمة أعمال تنتمي إليها.. وطالب البروفيسور حبيب الحكومات بتبني دورات مجتمعية تدعم التقارب والحوار بين الأمم.
وفي الجلسة الثانية من أعمال الملتقى ناقش المشاركون مسؤوليات الهيئات والمؤسسات الدولية في دعم الترجمة وتحدث البروفيسور لويس كانيادا رئيس مدرسة طليطلة للترجمة بإسبانيا في بداية الجلسة عن أهمية الترجمة وضرورة أن تستوعب كافة النصوص العلمية والإبداعية والمعارف العامة بما في ذلك النصوص المكتوبة بلغة الأقليات مشدداً على أهمية دور المؤسسات في دعم حركة الترجمة وإيجاد حلول للمعوقات التي تواجهها وفي مقدمتها عدم معرفة الأعمال التي سبق ترجمتها وكذلك الأعمال التي يجب أن تترجم ولم يتم ترجمتها بعد مشدداً على ضرورة وجود مرصد عالمي للترجمة.
ولفت البروفيسور كانيادا إلى وجود مشروع عربي - أوروبي يشارك فيه عدد من الدول أنجز 69 تقريراً عن الترجمة في خطوة هامة لإنشاء مركز أورو متوسطي.
وعرض البروفيسور كانيادا لبعض الإحصائيات التي تشير إلى أن تركيا وإسبانيا وفرنسا من أكثر الدول ترجمة للكتب لكن يلاحظ أن الأعمال العربية المترجمة لا تزيد عن 1 في الألف من كل الأعمال المترجمة.
وتحدث الدكتور زيد العساف مدير المركز العربي للتعريب والترجمة بدمشق فأكد على أهمية «مأسسة عملية الترجمة من اللغة العربية وإليها، من خلال التأكيد على وحدة اللغة العربية وإيجاد المصطلحات العربية القادرة على استيعاب المعارف الحديثة للحد من المخاطر التي تهدد اللغة العربية وفي مقدمتها اللهجات العامية والتي بدأت تجد طريقها إلى الكتب وكذلك الألفاظ الأجنبية والتي يتم استخدامها في النصوص العربية.
وأشار الدكتور العساف إلى أهمية إيجاد المسوغات المقنعة لفعل الترجمة وتسويقها وإيجاد آليات مناسبة للترجمة ضمن إستراتيجية تهدف لاختيار ما نحتاجه من الأعمال المترجمة، وضمان جودة الترجمة وتأسيس دوريات مثل مجلة التعريب التي يصدرها المركز، داعياً إلى البدء في وضع خطة شاملة للترجمة من وإلى اللغة العربية تتضمن تنمية الموارد البشرية اللازمة لدعم حركة الترجمة وإعداد المترجمين وإرساء مفهوم التخصص في مجال الترجمة.
وتحدثت البروفيسورة هانولورا لي جانكه رئيس مؤتمر الجامعات الدولي للترجمة عن أهمية تدريب المترجمين للوصول لمستوى الاحترافية في كل ما يترجمونه من أعمال مشيرة إلى وجود حاجة حقيقية للتعاون بين الجامعات والجمعيات المحترفة في مجال الترجمة لتحقيق هذا الهدف، بالإضافة إلى أهمية وجود قدر أكبر من الوضوح لمفهوم الترجمة على المستوى الدولى والشراكة النموذجية المتخصصة للمسؤوليات من قبل الحكومات والجامعات والمؤسسات للارتقاء بجودة الترجمة وتفعيل دورها واستمراريتها.
وشهدت الجلسة الثالثة للملتقى والتي حملت عنوان «نحو تأسيس معايير علمية للترجمة» أطروحات علمية قدم أولها البروفيسور جواوا باتيستا حول أهمية وفاء الترجمة للنصوص الأصلية والحفاظ على التوزان بين العمل الأصلي والنص المترجم.. مشيراً إلى أن الترجمة ليست مجرد أداة للتواصل بين المجتمعات والثقافات بل هي وسيلة لتلاقح وتفاعل هذه الثقافات.
وتحدث الدكتور مارتن فورستز أمين مؤتمر الجامعات الدولي للترجمة عن معايير تدريب المترجمين من خلال عرض تجربة مؤتمر الجامعات الدولي للترجمة في إعداد المترجمين التحريرين والفوريين؛ مشيراً إلى أهمية تطبيق هذه المعايير في الارتقاء بجودة مخرجات هذه الترجمة.. وأعرب د. فورستز عن أمله في بناء شراكات مع كافة المعاهد والمراكز المعنية بالترجمة في جميع دول العالم لتفعيل آليات تدريب المترجمين.