كنت أتحدث عن «نقص القادرين على التمام» عندما كتبت في مقال سابق عن روعة شبكة الطرق البرية في أنحاء كثيرة من بلادنا، وعن غياب أشياء صغيرة ـ لكنها مهمة ـ في بعض أجزاء تلك الطرق. وتكمن أهميتها في أنها قد تكون في بعض الأحيان هي الحد الفاصل في أن يُكتب للإنسان حياة جديدة أو أن يذهب ضحية لحادث سير رهيب!أشرت، مثلاً، إلى غياب اللوحات الإرشادية أحياناً، وإلى انعدام محطات الوقود والخدمات على بعض الطرق الطويلة أو سوء تلك المحطات وتدني مستوى خدماتها وهي أمور يعرفها كل مسافر سلك تلك الطرق. وهذه ليست مسؤولية جهة واحدة، وإنما تتشارك في اقتسام مسؤوليتها جهاتٌ كثيرة مثل وزارة النقل والشؤون البلدية والقروية والمرور وغيرها.ومنذ يومين تجولت بالسيارة مع أخي الأستاذ إبراهيم الوادي مستشار وزير النقل في بعض أحياء الرياض التي تشهد مشروعات رئيسية تنفذها وزارة النقل، ومنها منطقة الجسر في تقاطع طريق خريص مع الشيخ جابر وهو الجسر الذي وقعت فيه مأساة انفجار صهريج الغاز.شرح لي الأستاذ إبراهيم، الذي كان قد قرأ المقال، ما يتم إنجازه من عمل كبير ورائع في موقع الجسر الذي سيكتمل في المستقبل غير البعيد - إن شاء الله - بما في ذلك أيضاً طريق الدائري الشرقي الجديد الذي يجري إنشاؤه حالياً ويمر عند منطقة الجسر، والمسارات الحالية المؤقتة التي تبلغ أربعة عشر مساراً في الجزء المتجه شرقاً وغرباً، وما تم وضعه من لوحات إرشادية وتحذيرية على امتداد الطريق. أدرك ما تقوم به الوزارة من جهود كبيرة لتقليل الحوادث أو التخفيف من حدتها وضررها عندما تقع، وقد شاهدت أيضاً العمل الذي تنفذه الوزارة في جسر الخليج وفي نفق الحرس الوطني، واحتياطات السلامة التي طورتها الوزارة مؤخراً في تلك المواقع. وكلها جهود مشكورة، وأتمنى أن تحقق النتيجة المأمولة.لكن الحقيقة الواضحة أيضاً هي أن هناك مساحات واسعة للتطوير والتحسين وهذا لا يمكن أن يتم بجهود جهة حكومية واحدة مثل وزارة النقل، وإنما بتضافر جهود جميع الجهات ذات العلاقة. فمع المطالبة بتوفير اللوحات الإرشادية وغيرها من احتياطات السلامة المرورية لابد أيضاً أن يكون هناك حزم في التعامل مع المخالفين لأنظمة السير ممن لا يعيرون أي اهتمام لكل ما نتحدث عنه، وهذا تملكه الأجهزة المرورية التي أوكلت الدولةُ الأمر لها. فمن المؤسف أننا، في مرحلتنا التنموية الحالية، لا نستطيع دائماً ان نُعَوِّل على وعي منقود المركبة ولا على جودة الطرق في القضاء على الحوادث المرورية، إذ لابد من وجود الأنظمة الحازمة وتطبيقها بشكل صارم لكي يرتدع المخالفون.
عموماً، من المبهج أن تتنامى شبكة الطرق في المملكة على هذا النحو وأن تتطور وتتمدد لتشمل جميع مناطق وأنحاء المملكة، ولكي تتحقق الخدمة بشكل متكامل فإن كل الأجهزة مطالبة بأداء أدوارها وليس فقط وزارة النقل لأن اليد الواحدة ـ كما يقال ـ لا تصفق.