أكد أكاديمي متخصص في العمل الدعوي والتوعوي أهمية الدور الذي قام به الدعاة خلال موسم حج هذا العام، والمواسم التي قبله في توعية الحجاج عند أداء مناسكهم، حيث كان لهم أثر كبير ومهم في التيسير على الحجاج وتخفيف الزحام في كثير من المواطن، من خلال ما قاموا به من توعية الحجاج والمعتمرين وتوجيههم الوجهة الصحيحة التي تسهم في التيسير والتخفيف.
ووصف الدكتور سليمان بن صالح الغصن عضو التوعية الإسلامية الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ـ في حديثه عن أهمية التوعية الإسلامية في التيسير وتخفيف الزحام في الحج ـ، ما تقوم به الأمانة العامة للتوعية الإسلامية في الحج والعمرة والزيارة من توجيه الحجاج وإرشادهم وتحذيرهم من الانحرافات والأخطاء في العقائد والعبادات التي تقع من البعض. والقيام بالإجابة عن أسئلتهم وتوعيتهم لسلوك المنهج الصحيح في أداء مناسكهم، بأنه أحد الجهود المباركة التي تقوم بها الدولة من خلال وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في خدمة الحجيج وتوعيتهم في مناسك حجهم وزيارتهم.
واستعرض الدكتور الغصن - الذي شارك في أعمال التوعية عدة سنوات - بعضاً من مشاهداته وملاحظاته، وقال لاحظت من خلال مشاركتي في التوعية الإسلامية في الحج لعدة سنوات حرص بعض الحجاج حين قدومهم إلى مكة أن يأتوا بأكثر من عمرة في أوقات متقاربة، وربما يأتي أحدهم بعمرتين في اليوم، مما يسبب زحاماً في الطواف والسعي، فيقوم الدعاة بتوعيتهم بأنّ هذا الفعل خلاف السنّة، كما أنّ الدعاة يقومون بالتوعية بعدم وجوب أداء ركعتي الطواف خلف مقام إبراهيم وبعدم ورود دعاء خاص هناك، وأن بالإمكان أداؤهما بعيداً عن موطن الزحام خلف المقام ولو خارج المسجد، وهذه التوعية مما يخفف من التزاحم خلف المقام ومضايقة الطائفين، كما يقوم الدعاة بإرشاد الحجاج بالاكتفاء بسعي واحد للقارن والمفرد، وأن بإمكان الحاج أداؤه مع طواف القدوم، ولا يشرع تكراره ولا التطوع به كما يظنه بعض الحجاج.
ومن الملاحظات - والحديث للدكتور الغصن - أنّ الدعاة يزيلون ما يظنه بعض الحجاج من وجود سعي مع طواف الوداع، فيرشدونهم بأنّ الوداع طواف لا سعي معه، وهذا الإرشاد يخفف الزحام عن السعي، كما يوجه الدعاة الحجاج بأنّ بإمكانهم تأخير طواف الإفاضة إلى وقت السفر ويكفيهم عن الوداع، وهذا التوجيه يخفف من الزحام في المطاف، ويبين الدعاة للحجاج بأنّ الذهاب إلى منى يوم الثامن والمبيت بها ليلة التاسع من ذي الحجة من السنّة وليس بواجب، وأن بإمكانهم الذهاب مباشرة إلى عرفة دون المبيت بمنى ليلة التاسع، وهذا يرفع الحرج عن نفوسهم، ويسهم في التخفيف من الزحام حال توجه الحجاج يوم التاسع إلى عرفة، كما يقوم الدعاة بإرشاد الحجاج بعدم مشروعية صعود جبل عرفة، وأن كل عرفة موقف، وهذا يساعد في التخفيف من تزاحم الناس عند جبل عرفة، وحرصهم على صعوده.
ومما لاحظته في أعمال الدعاة ـ يضيف الدكتور قائلاً إنهم يوضحون للحجاج عدم وجوب البقاء في مزدلفة إلى الفجر، وأن بإمكان من كان معه الضعفة والنساء ونحوهم الانصراف من مزدلفة ليلاً، وهذا يحفف من كثافة التزاحم في الدفع من مزدلفة، ويبينون للحجاج بأنّ كل مزدلفة مشعر. ولا يجب المجيء إلى مكان معيّن كالمسجد وما حوله، وهذا يخفف الزحام عن هذا المكان المعيّن، ويؤكد الدعاة للحجاج بأنّ من ليس له مكان في منى فلا يلزمه المبيت داخلها وليس له أن يبيت في الطرقات، بل يبيت خارج منى كحال مخيمات الحملات والمؤسسات الواقعة بامتداد مخيمات منى في مزدلفة فلا يلزم أصحابها الدخول إلى منى للمبيت، بل يبيتون في مخيماتهم في مزدلفة، ويقوم الدعاة بإرشاد الحجاج بامتداد الرمي في الليل إلى الفجر، مما يسهم في تخفيف الزحام عند الجمرات، ويرشدون من يشق عليه الذهاب إلى الجمار إلى جواز التوكيل في الرمي، وجمع رمي اليوم مع اليوم الذي يليه، ويوضح الدعاة للحجاج أيضاً عدم وجوب الترتيب بين أعمال يوم النحر ، وأنه يجوز أن يفعل الأرفق به كتقديم الطواف على الرمي، أو الذبح على الحلق، ويرشدون الحجاج إلى جواز دفع ثمن الهدي إلى البنك حتى قبل يوم النحر، وأنه لا يصح اعتقاد بعضهم عدم جواز دفع ثمنه قبل يوم النحر، مما يسبب تزاحمهم على مقرات استقبال قيمة الهدي يوم النحر ويبينون للحجاج أنّ زيارة المدينة النبوية ليست من شروط الحج ولا من واجباته ولا أركانه بل المستحب زيارة المسجد النبوي لمن تيسّر له ذلك، فإن لم يتيسّر فليس عليه التكلّف بالذهاب إلى هناك، ويزيل الدعاة ما شاع عند البعض من تكلّف البقاء عدداً من الأيام والصلوات في المدينة طلباً لفضائل لم تثبت. فيبينون لهم أنّ الفضيلة حاصلة بكل صلاة في المسجد دون اشتراط عدد معيّن لا من الصلوات ولا من الأيام.
وخلص فضيلته إلى القول: تلك بعض الأمور التي يقوم الدعاة بتوضيحها للحجاج، والتي يوقع الجهل بها من قبل بعضهم في وقوع التزاحم في كثير من المواطن، كما يوقع الجاهل بها العنت والمشقة على نفسه، وهذه الأمور وغيرها تؤكد أهمية التوعية الإسلامية في الحج ، وأثرها العظيم في إرشاد الحجاج إلى يسر أحكام الشريعة، وتظهر مكانة التوعية الإسلامية وإسهامها في التخفيف من التزاحم في كثير من المواقع الذي يكون سببه جهل بعض الحجاج بأحكام الحج الشرعية، وعدم تمييزهم بين الواجبات والمستحبات، وفي خلطهم بين السنن والمبتدعات في أحيان أخرى.
ودعا الدكتور الغصن - في نهاية حديثه - إلى تكثيف التوعية الإسلامية في الحج، وإلى التفكير الجاد في إيصالها إلى أكبر عدد من الحجاج باختلاف لغاتهم، بتوظيف جميع الإمكانات والوسائل الحديثة، لتحقق التوعية الإسلامية أهدافها، وتصل إلى غاياتها.