لا شك أن مشكلة المياه قد تكون إقليمية أو عالمية؛ لما تمثله المياه من مصدر حيوي مهم للشعوب.
ومن منطلق قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَي أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} (30) سورة الأنبياء، فإن الحياة على وجه الخليقة، حياة الإنسان وحياة الحيوان وحياة النبات، قوامها الماء؛ فالماء هو الوسيط الوحيد الذي يحمل الأملاح والمواد الغذائية المتحولة فيه إلى الكائن الحي، ولولا الله ثم الماء لما كان على وجه الأرض حياة. ولسنا في صدد وضع إحصائيات وأرقام للوضع المائي العالمي وما يمثله من خطر قائم للشعوب؛ فما يهمنا الآن هو مشكلة المياه في غرب وجنوب وشمال منطقة القصيم، التي تحولت إلى أزمة حقيقية في جميع الأوقات، وظلت الأزمة قائمة ومستمرة في كثير من المحافظات والقرى والهجر والمراكز والتجمعات السكانية في منطقة الدرع العربي، التي تعتمد في الحصول على المياه على الآبار السطحية، التي تعتبر تقريباً المصدر الوحيد، وتعتمد بصورة رئيسية على الأمطار الموسمية، التي عادة ما تكون قليلة في بعض المواسم. وكما هو معروف، فإن شح ونقص المياه في منطقة الدرع العربي يعتبران مشكلة أزلية، فالمواطنون الذين يقطنون فوق أراضي الدرع العربي غرب وجنوب وشمال منطقة القصيم في محافظة الرس إلى حدود منطقة المدينة غرباً وجنوباً وحدود محافظة الدوادمي وشمالاً حدود منطقة حائل والمحافظات والمراكز والهجر والتجمعات السكنية يعانون من نقص المياه معاناة شديدة ومستمرة، وهي منطقة شاسعة وواسعة جداً، وبحاجة ماسة إلى المياه نظراً لما تمثله المياه من ضرورة من ضروريات الحياة، ولا يستطيع الإنسان أن يعيش بدون هذه النعمة التي أنعم الله بها على عباده.
وإذا نظرنا إلى هذه المشكلة نظرة ثاقبة، ولحاجة المواطنين للحل الجذري لهذه المشكلة لا بد أن يكون لها حل استراتيجي بعيد المدى، يتمثل في إنشاء محطة ضخمة لتحلية المياه من أقرب نقطة من البحر الأحمر أو الساحل الشرقي؛ إذ تقدر المسافة لأبعد نقطة من الدرع العربي - وهي محافظة الرس - بـ550 إلى 600 كيلو تقريباً. وهذا المشروع يعد مشروعاً حيوياً واستراتيجياً مهماً؛ ويجب أن يكون ذلك في أسرع وقت ممكن نظراً لما تمثله المصلحة العامة. ويعتبر هذا المشروع الريادي الاستراتيجي المهم من المشاريع التي تخدم بقعة مهمة من بقاع هذه الأرض الطاهرة التي أنعم الله علينا بها.
ومن هنا، فالمواطن يتساءل: إلى متى يتم حل هذه المعضلة من الجهات المسؤولة؟
لا يخالجني الشك بحكومتنا الغالية التي تبذل الغالي والنفيس في سبيل رفعة مواطنيها، التي تعمل وتبذل وتجتهد وتشرع وتنفذ مشاريع تنموية واستراتيجية عملاقة تخدم الحاضر والمستقبل، ونحن نثق ثقة عمياء بالمسؤولين الذين لا يألون جهداً في كل ما يحتاج إليه الوطن والمواطنون، وبحول الله لن يبخلوا على هذه المشاريع الحيوية والمهمة التي تحتاج إلى سرعة البت فيها ودراستها عاجلاً وتنفيذها فوراً.
ومن هذا المنطلق نناشد صاحب الأيادي البيضاء وولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - متعه الله بالصحة والعافية - وعضده الأيمن ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمرهما وتوجيههما الكريم بدراسة هذا المشروع، الذي نرى أنه الحل الجذري لنقص المياه في هذه المنطقة، كما نرجو من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم ونائبه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز - وفقهما الله - متابعة دراسة هذا المشروع الحيوي المهم، ونرجو من الله العلي القدير أن يفرح المواطنون بهذه المشاريع الحيوية والاستراتيجية.
حفظ الله حكومتنا الرشيدة، ووفقها، وسدد على طريق الخير خطاها. راجين من الله - عز وجل - أن يديم علينا هذه النعم، وأن يديم الأمن والاستقرار على بلادنا.
والله من وراء القصد.