أفريقيا قارة مفعمة بالأمل، تشهد وفرة بتوجيه من المعادن، وموارد الهيدروكربون والسلع الأساسية. إلا أنّ التكنولوجيا تهدّد حالياً هذه المحفّزات الاقتصادية.
وتتراجع عائدات النفط الخام في نيجيريا، بسبب نهضة الغاز الصخري في الولايات المتحدة، ويشير المسار الطويل الذي ينتظر المركبات الآلية الكهربائية إلى مستقبل تشغّل فيه الإلكترونات سيارات بأعداد تزيد عن تلك التي تشغّلها مكوّنات الكربون. وفي غياب القدرة على استحداث المعرفة من خلال توفير تعليم حسن النوعية، تبقى استمراريّة التفاؤل الحديث المنشأ في أفريقيا محطّ تساؤلات.
ومن بين الجامعات الأربع مئة الأهم عالمياً، لا تقع إلاّ ثلاث جامعات في أفريقيا. وفي حين تستقطب القارة أهم الشركات لتوجيه حقبة الاستهلاك في مجال التكنولوجيا، سيمنع غياب الجامعات الجيدة بروز قدرة قوية على إدارة العمليات المرتبطة بالتقنية العالية المبدعة، كون التكنولوجيا تلقى توجيهاً من مجال التعليم، وبالنظر إلى أنّ أمّة عاجزة عن استحداث أفكار جديدة ومفتقرة إلى ملكية فكرية لن تتولى يوماً مقاليد القيادة.
واليوم، تُعدّ التكنولوجيا ثروة. والملفت أنّ رأس المال السوقي بقيمة 115 مليار دولار، الذي امتلكته شركة «فيسبوك» في يوم عرض اكتتابها العام، سمح لمارك زوكربيرغ بإنشاء ثروة تكاد تضاهي بقيمتها نصف إجمالي الناتج المحلي لدولة نيجيريا خلال العام 2012، مع الإشارة إلى أن القيمة الناشئة عن شركة «فيسبوك» وعن قلّة من عروض الاكتتاب الأولية الأخرى التي أطلقتها شركات تعمل في مجال التكنولوجيا تزيد عن إجمالي الناتج المحلي لمعظم المناطق الأفريقية. وستنجح القارّة في تعجيل وتيرة النمو والرفاهية البشرية بصورة أفضل من خلال إدراجها شركات في بورصة «ناسداك» بدلاً من تأجير المزيد من آبار النفط.
إلى ذلك، يتم اليوم فصل معظم الجامعات في أفريقيا عن المجتمعات والأسواق، كونها لا تستثمر في البحوث التي توجّه الحلول المبتكرة. وقد توجد كلّية هندسة طوال عقود في مجتمع يفتقر إلى مياه الشفة، ولكنها قد لا تبذل أي جهود لحل المشكلة. فالجامعات بمعظمها تريد الارتقاء بمقامها نحو العالمية، من دون اعتماد أي عقيدة على الصعيد المحلي. فترغب في تطوير سيارات، في حين يتسوّل عند أبوابها مواطنون معوّقون يتمنّون لو يسيرون على أقدامهم، مطالبين بخبزهم اليومي.
ونحن في حاجة إلى تشجيع التقدّم التكنولوجي والتعليم في أفريقيا، لضمان مستقبل القارة. وتقضي إحدى طرق التوصّل إلى ذلك بدعم جامعات أفريقيا على صعيد دولي. وعلى سبيل المثال، تعتمد جامعة «فيرست أتلانتيك» الجديدة، التي أساهم في تأسيسها، على مساعدة سليكون فالي. وستقع هذه المؤسسة التعليمية في نيجيريا، وتشمل منطقة تكنولوجيّة في حرمها، تديرها إحدى أفضل شركات التكنولوجيا في طوكيو، وترسي بعض نماذج التدريب المتطورة، بما يشمل دورات التعليم المفتوحة عبر الإنترنت، وغيرها من البرامج على الشبكة الإلكترونيّة. وتتمتع أفريقيا بقدرة على إرساء مكانة لذاتها، ولكنها ليست مضطرة إلى القيام بذلك بمفردها. وبفضل الدعم الدولي، ستنجح الجامعات الأفريقية في زرع بذور طبقة اقتصادية جديدة- تضع في المتناول قارّة أعيد تصميمها، بتوجيه من القوة الذهنية لمواطنيها.