في بداية عام 2011 ذكرت في عدة مقالات بأن انفجار فقاعة العقار سيكون في عام 2012، وقد تطرقت بتفصيل للأسباب التي جعلتني حددت أنه في 2012.
أما وقد قاربنا على نهاية 2013 ولم تنفجر هذه الفقاعة، لذا فقد كان لزاماً التوضيح عن ما إذا كان التوقع غير صحيح أو أن هناك أسباباً أخرى أدت إلى محافظة العقار على أسعاره الحالية والمبالغ فيها، ولماذا ومتى ستنفجر هذه الفقاعة التي طال انتظارها؟.
في بداية عام 2011 كان جميع من في السوق العقاري مؤمنين بأن أسعار العقار ستستمر في الارتفاع ولن تتوقف ولن تعود إلى الوراء ولكن في نهاية نفس السنة حدث تغير جذري في توقعات الناس والمتداولين، أصبح الانطباع العام بأن الأسعار مبالغ فيها وأنها على وشك الانهيار.
وبناء على تغير الانطباع العام حدث ركود كبير في تداولات العقار في عام 2012 وانخفضت أسعار الأراضي في الأطراف وأراضي المنح أما الأراضي القريبة فتماسكت.. في بداية عام 2013 عادت الحركة للسوق العقاري وارتفعت الأسعار في الأماكن المرغوبة ولكن سرعان ما عاد الركود بعد مقابلة معالي وزير الإسكان والتي صرح فيها بأن توجه الدولة خفض أسعار العقار وأنه سوف يتم فرض رسوم على الأراضي البيضاء وسيتم إجبار ملاّكها إما بالتطوير أو بالبيع.
والسؤال هنا، لماذا لم تنفجر فقاعة العقار مع أن الأسعار وبحسب جميع التقارير المالية أصبحت مبالغاً فيها وخارج نطاق قدرة المواطن، كيف لم ينهر ووزارة الإسكان ستضخ في السوق ما يقارب 100 مليون متر مربع، كيف لم ينهر ووزير الإسكان وهو المفوض بتنظيم سوق الإسكان وحل مشكلة الإسكان صرح بأنه يجب أن تنخفض الأسعار؟.. وللإجابة على هذا السؤال نلخص هذه الأسباب فيما يلي:
- سوق غير منظم لذلك كان الاحتكار والتلاعب في المزادات سيد الموقف في ثبات الأسعار.
- سوء إدارة ملف الإسكان من قِبل وزارة الإسكان وتأخرهم في وضع حلول.
- الموافقة على تملك الجالية العربية لمسكن، فعندما ارتفعت الإيجارات أقبل الإخوة من الجالية العربية من ذوي الدخل المرتفع على شراء وحدات سكنية.
- دخول مستثمرين خليجيين من الكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة وخصوصاً بعد الأزمة المالية، فقد وجدوا ضالتهم في السوق السعودي، سوق غير منظم ومحتكر، وبدل أن يضع أمواله في مرابحة أو وديعة تعود عليه بربح لا يزيد على واحد بالمائة، يشتري في السوق السعودي وبعد سنة يبيع بربح عشرين في المائة.
وكمثال على هذا الاستثمار، إحدى الشركات العقارية استحوذت على أرض مساحتها تقدر بحوالي أربعة عشر مليون متر مربع منذ أكثر من خمس سنوات ولا هي طورتها ولا هي باعتها لمن يطورها.
- زيادة مبلغ القرض العقاري والتي زادت السيولة في السوق، وهو قرار ارتجالي كان المقصود منه مساعدة الناس على تملك مسكن ولكنه زاد المشكلة سوءاً.
- ولادة مليارديرية ومليونيرية جدد في السوق السعودي، فبعد وفاة بعض الأثرياء رحمهم الله، تولّد من هذه الوفاة والورث ما لا يقل عن 300 مليونير وملياردير سعودي، وقد كان العقار هو أفضل استثمار ومستودع للثروة لهؤلاء الأثرياء الجدد للمحافظة على ثرواتهم.
- ارتفاع دخل الشباب المؤهل في القطاع الخاص إضافة إلى أبناء أصحاب الدخل العالي القادرين على مساعدة أبنائهم في شراء مسكن.
- آخر سبب وهو أهم الأسباب هو تأخر الحكومة في إقرار إستراتيجية الإسكان الجديدة وتنظيم السوق العقاري وكسر الاحتكار.
بموجب إستراتيجية الإسكان لن يكون هناك حل لمشكلة الإسكان بدون كسر الاحتكار وانفجار فقاعة العقار، والجميع يعلم بأن هناك بعض المتنفذين والمسئولين ليس من مصلحتهم حل مشكلة الإسكان ولذلك من المتوقع أن تواجه إستراتيجية الإسكان تعطيلاً في جميع مراحلها، أو حتى إجهاضاً، ولكن عشمنا في الله ثم في ولاة أمرنا بأن يصدر بها قرار سيادي لإقرارها وتطبيقها لتنتهي هذه المهاترات حول مشكلة الإسكان ولتنتهي معاناة 60% من شعب المملكة.