«يبحث الرئيس الأميركي في ولايته الأولى عما سيقوله للناس، وفي ولايته الثانية يبحث عما سيقوله التاريخ عنه»..
وبحسب آخر استطلاع لمنظمة “غالوب”، فقد انخفضت شعبية الرئيس أوباما- في ولايته الثانية- إلى ما دون شعبية الرئيس جورج دبليو بوش في أعقاب إعصار “كاترينا”..!
والسبب ليس سياسة إدارته اتجاه سوريا واكتفاءه بالفرجة على مشاهد القتل اليومي الرهيب دون ردة فعل أخلاقية (..) لبلد يفترض أنه يقود العالم!
وليس تعامله مع البرنامج النووي الإيراني، والغضب الإسرائيلي المعلن، والذي يتهم إدارته بأنها “تقامر” بأمنها في سعيها للتوصل إلى اتفاق مع طهران.
وليس السبب -أيضاً- لفشل التحالف الكارثي مع الإخوان الذين يقودون الإرهاب في العالم العربي اليوم، أو تردي حضور واشنطن وعلاقاتها في الشرق الأوسط على هذا النحو غير المسبوق.
بل السبب أن الأمريكيين اكتشفوا أن الرئيس لم يف بالوعد. اليوم هناك 5 ملايين أمريكي تقريباً خسروا رعايتهم الطبية، فيما المشكلة بحسب رواية أوباما، ليست في خسارة خطط التأمين المتوفرة وتلك التي صاغها لهم، بل في موقع إلكتروني لبرنامج التأمين الصحي!
والقصة التي تحولت محل نقد وسخرية كبيرة تقول “بعد أن أجرت الحكومة تقييماً كارثياً لمشروع الرعاية الذي اقترحه، واكتشفت أن 27 ألفاً فقط سجلوا طلبات الحصول على الرعاية الطبية”. وأن الرئيس أسف لملايين الأمريكين لأن موقع الحكومة الإلكتروني لا يعمل بشكل جيد، ولم يأسف لخسارتهم رعايتهم الصحية، حيث ملايين الأميركيين سيخسرون تأمينهم بداية من شهر يناير، ولن يستطيعوا تحمل نفقات الحصول على غطاء صحي بديل. وهذه كارثة صنعتها يديه!
حيث يواجه أوباما فشلاً ونقداً حاداً مزدوجاً، داخلياً وخارجياً، وكل الملفات في يده بلا سياق، مشكلته-كما توافق أكثر من دبلوماسي- أنك لا تعرف ماذا يريد، وليس له خط واضح في التعامل مع الأحداث يمكن استيعابه أو القياس عليه، ولكن مجرد أفكار عامة متدهورة!
والنتيجة أن أمريكا تفقد اليوم الكثير من حضورها وحظوظها في الشرق الأوسط والمنطقة، كما أن علاقاتها بأكبر حلفائها (السعودية، مصر) علاقة باردة وغير مريحة أبداً، ولا تنظر دول المنطقة الأخرى براحة لاتجاهات ونوايا البيت الأبيض!
وإسرئيل الحليف الإستراتيجي القوي لواشنطن دائماً- ترفع صوتها بالشكوى من تعامل إدارة أوباما الخطر مع المساعي الإيرانية لامتلاك السلاح النووي.
سياسات هذا الرئيس أدت إلى التدهور على جبهات عدة، وشعبية أمريكا لدى الشعوب العربية والإسلامية اليوم في أسوأ حال يمكن أن تصل إليه أو تتصوره. الشعوب ترى في أمريكا أما عدواً مطلقاً أو عدواً يساوم عليها -بما في ذلك القضايا الحقوقية!. والأنظمة ترى في واشنطن اليوم حليفاً غير مريح ولا يمكن الوثوق به أبداً.
الدولتان المنافستان لأمريكا، الصين وروسيا، الأولى نشطة اقتصادياً لكن لديها هدوءاً سياسياً خاصاً.
أما روسيا العائدة إلى المنطقة عبر أكثر من منفذ، من خلال إرث ثقافي قديم في المنطقة، ولديها مواقف على الأقل- لا تسجل في خانة السالب ضد العرب دائماً، وباستثناء وقوفها مع الأسد- حسب مصالحها طبعاً- إلا أنها أثبتت أنها حليف قوي لا يتردد في دعم الحلفاء إلى أبعد نقطة. وهمها إيجاد تعاون عسكري واقتصادي لا يتداخل مع صداع حقوق أو قضايا داخلية، وبالتالي فهي حليف مريح بلا أطماع، على الأقل حتى الآن.
روسيا عادت بشكل استعراضي إلى مصر -الحليف الإستراتيجي لأمريكا لعقود قبل أن تتخلى عن رئيسها السابق حسني مبارك، وفيما هي تدافع بشراسة عن حل تزعم أنه سلمي للأزمة في سوريا، تواصل بناء جسور علاقاته في المنطقة، فالدب الروسي أصبح يرقص على أنغام الشرق الأوسط، يرصد الحالة الليبية والتونسية ويقف مع خريطة الطريق المصرية المدعومة خليجياً.
أوباما في البيت الأبيض يفكر في شيء مختلف الآن، فالعاصفة المحلية للتو بدأت تلامس أطرافه.. فيما الروسي فلاديمير بوتين يتصدر قائمة الشخصيات الأكثر قوة في العالم بحسب التصنيف الأخير لمجلة فوربس الأمريكية!