تحدثنا في الخميس الماضي عن الأهمية العملية لبيوت الله في تشكيل هويتنا الوطنية وصياغة وضبط سلوكنا الحضاري في كافة أبعاده الاجتماعية والاقتصادية والإدارية والمعمارية ...الخ وكيف نعظم الاستفادة من هذه الأماكن المقدسة لصياغة نموذج مثالي نحاكيه في كافة مناحي حياتنا العصريه.
فمن المعروف أن المسجد في صدر الإسلام كان مصدر الاشعاع التنموي والمدرسة التي يستقي منها المسلمون سلوكهم الحضاري.
الملاحظ اليوم أن معظم مساجدنا يقتصر دورها على عبادة الجوارح (وهو بطبيعة الحال هدف أساس) ولا تنعكس أثارها المحسوسة (من نظافة، واقتصاد، وعمارة..الخ) وغير المحسوسة ( من سلوك اجتماعي وتربوي) على حياتنا اليومية. وربما أن السبب في ذلك يعود إلى أنها بشكلها وأسلوب إدارتها لا تصلح للمحاكاة.
ولعل القارئ الكريم يلاحظ ويدرك أن نظافة بيته ودورات المياه فيه وصيانته وتشغيله تفوق نظيراتها في بيت الله. هذا فيما يتعلق بالأمور المحسوسة.
أما الأمور السلوكية والاجتماعية والادارية من انظباط معظم الأئمة والمؤذنين إلى الاقتصاد في الخدمات وترشيد استهلاك المنافع العامة من كهرباء وماء إلى سلوكيات بعض المرتادين وملابسهم..الخ فهي الأخرى لا تصلح للمحاكات فضلا عن كونها مدرسة نستقي منها مناهجنا في حياتنا اليومية وسلوكنا الحضاري.
ليست محطات البنزين في المجتمعات المجاورة لنا فقط هي الأفضل من محطاتنا بل – من المؤسف حقا- أن معظم المساجد هناك تبدو أفضل من مساجدنا في النظافة والشكل والإدارة.
وبقي التساؤل القائم وهو على من تقع مسؤلية تواضع العناية ببيوت ملك الملوك وإله العالمين؟ وكيف نعيد لهذه الأماكن المقدسة دورها الريادي في توجيه وضبط سلوكنا الاجتماعي ومنهجنا الحضاري؟
وحتى يكون اجتهادنا منهجيا لا بد أن نحدد الأطراف المعنية بالعناية في المساجد، أعني: القائمون عليها من أئمة ومؤذنون، الجهات الحكومية المختصة، عامة المصلين.
فالكل يجب أن يتحمل مسؤليته تجاه هذه البيوت العظيمة والتأكد من مناسبتها في الشكل والمضمون وسلوك القائمين عليها ومرتاديها وقيامها بدرها على أكمل وجه.
وللحديث بقية في الخميس القادم إن شاء الله،،،،