وزارة الشؤون الاجتماعية لديها النية لافتتاح مركز للإرشاد الأسري عبر الهاتف، ويهدف إلى علاج المشاكل الأسرية والاجتماعية والنفسية والسلوكية من قبل مختصين ومختصات عبر الهاتف من الساعة السادسة إلى الساعة التاسـعة مساءً.
وقد سبق أن قامت الوزارة بنفس هذه التجربة ولم يكتب لها النجاح، يرد على الاستفسارات أساتذة واخصائيون في علم النفس وعلم الاجتماع، لكن المشاكل الأسرية والاجتماعية لا يمكن أن تعالج بالهاتف وإنما تعتمد على الدراسة والتشخيص والعلاج بالطرق السليمة، حيث يجب أن تتواصل مع الشخص صاحب المشكلة الأسرية أو الشخص المريض نفسياً أو سلوكياً وجهاً لوجه كما يجب أن تستمع للطرف الآخر في المشاكل الأسرية من أجل معرفة الأسرار الفعلية للمشكلة والوصول إلى الحقائق والأسباب الدفينة؛ لأن سماعها من طرف واحد قد لا تتضح المشكلة.
وقديماً كان هناك ترابط اجتماعي في الأسرة النووية ثم امتدت الأسرة وصارت كبيرة وكان رب الأسرة أو الجد الكبير يحل كل الأمور التي تطرأ على الأسرة، وكلامه مسموع وحكمه يقدره الجميع، أما الآن فقد قل الترابط مع العائلة الكبيرة وصارت كل أسرة مسؤولة عن نفسها وازدادت المشاكل والمسببات وصارت هناك انواع من الجفاء بسبب النواحي الاقتصادية داخل الأسرة حول من يكون له الحق في التصرف في النواحي المالية والذمة المالية للزوجة وقل الاحترام لأسباب أخرى غير النواحي المالية، وكل هذا لا يمكن الحديث عنه في الهاتف فالمرأة بطبعها خجولة والرجل لن يطرح مشكلة عبر الهاتف مع من لا يعرف.
ومن الممكن أن يكون المتصل عابثاً يمثل دوراً معيناً وإن كان الموقف حقيقياً ربما كان كاذباً في بعض الأمور مما يستدعي سماع الطرف الآخر أو فرد آخر من أفراد الأسرة.
والعلاج والتشخيص لا يتم إلا بالمواجهة حتى يبوح الشخص المريض نفسياً أو سلوكياً أو صاحب المشكلة الأسرية يبوح بأسراره ويكشف عن الأشياء الخافية وتكون هناك علاقة مهنية حتى يثق صاحب المشكلة بالمعالج، وإلا لن يكون هناك علاج للمشكلة ويجب أن تكون هذه العلاقة وثيقة بينه وبين المعالج وحتى تكون هناك مصداقية في العلاج كل ذلك يتطلب أن يكون العلاج وجهاً لوجه وليس عبر الهاتف، لأن الهاتف قد يحل المشاكل المتعلقة بالفتاوى الدينية من قبل العلماء.
أما الهاتف فيصلح لأخذ موعد لعرض المشكلة وحتى يكون لدى المعالج النفسي الوقت الكافي للاستماع وتحديد أسباب المشكلة والاستماع للطرف الآخر أو أي شخص قريب من الأسرة ويضع الحلول أو العلاج للمشكلة الأسرية التي تتطلب التشخيص ومن ثم العلاج.
أما المشاكل النفسية والسلوكية والاجتماعية فتستدعي وجود مختص في علم النفس والخدمة الاجتماعية ويكون هذا بصورة مباشرة وليس عبر الهاتف لعرض المشكلة وتلقي العلاج الذي يعتمد في الغالب على التشخيص والعلاج.
أما عبر الهاتف فقد يختلق شخص ما مشكلة وهمية يشغل بها المعالج أو يستغرق صاحب المشكلة النفسية في أمور غير صحيحة وقد يغلف نفسه ولا يقول الحقيقة. وهذه المشاكل النفسية أو السلوكية غالباً ما تكون مصحوبة بحالات هياج وعدم انضباط وتستدعي وجود مساعدين مع الأخصائي النفسي والاجتماعي أثناء عرض المشكلة مع الأسرة. أما المشاكل الأسرية والاجتماعية فمعظمها متعلق بالخلاف الأسري وهي غالباً ما تكون بسبب إصرار الزوج على السيطرة على الزوجة في كل تحركاتها وشأنها الاجتماعي والأسري والمادي، وهذا لا يمكن حله إلا بإقناع الزوج بعد عدة جلسات بين الطرفين بأن تكون للزوجة حقوق خاصة بها وهذا غير ممكن عبر الهاتف. والله من وراء القصد.