(القرار السري لا يمكن أن يناقش!!، والتقارير والأعمال الخفية لا يمكن المساءلة عنها). مع أن ثقافتنا الصحراوية قائمة على الشفافية
لكن تم تكريس مبدأ نقيض لها (أقضوا حوائجكم بالكتمان)، ونقله من تطبيقاته الشخصية البحتة إلى أن يصبح منهج عمل في الأجهزة الحكومية، ولعل الحجب والإخفاء هو أس انتشار الفساد، فالكشف وإشاعة المعلومات يجعل من المواطن هو المسائل الأول لأداء الأجهزة الحكومية. وتعرف المنظمات الدولية الشفافية في العمل بأنها تعني: «كشف الاهتمامات والأهداف والدوافع والموارد والإعلان عن المبادئ، وهي تتضمن حقوق المنظمات الحكومية وغير الحكومية والمواطنين في الاطلاع على كل الحقائق المتعلقة بالعمل والأنشطة والبرامج والتمويل والتعاقدات وما شابه ذلك. كما تعني الشفافية تأكيد مصداقية منظمة ما أمام الرأي العام والحكومة والقطاع الخاص والمنظمات الدولية».
ولذا فقد أكدت في مداخلتي في ندوة الفساد الثلاثاء الماضي والتي أقيمت في معهد الإدارة العامة على أهمية الشفافية وإشاعة المعلومات والبيانات، والتأكيد على أن الحكومة الإلكترونية ليست حلاً سحرياً لكنها بالتأكيد مدخل من مداخل الحوكمة والإصلاح، شريطة إتاحة المعلومات التي يلزم ألا يحتكرها ويحجبها المتنفذون، فالحكومة الإلكترونية يسيرها البشر وتتحكم فيها درجة نزاهة من يمتلك الحق في الاطلاع على المعلومات، بحيث لا تحجب إلا المعلومات ذات المساس بالسيادة الوطنية فقط.
الندوة كانت حافلة بأوراق العمل المهمة، والمتحدثون المميزون لم يكن من بينهم امرأة واحدة -للأسف- مما جعلني أقترح في مداخلة أخرى إضافة توصية (اعتبار التمييز العنصري ضد المرأة وهضم حقها في العمل شكلاً من أشكال الفساد الإداري).
المداخلات جيدة وتم تلاوة التوصيات في نهاية الندوة، وأعلن المنظمون تشكيل لجنة تعمل على إعادة صياغة التوصيات، وطلبوا ممن لديه رغبة الانضمام للجنة التوصيات ترشيح نفسه، فكنت أول المبادرين والمبادرات ممن رشحوا أنفسهم للمشاركة في هذه اللجنة لغرضين في نفس يعقوب، أولهما دعم الجهة الرقابية التي أنتمي إليها وأوصل صوت كل زملائي وزميلاتي ممن يعملون في وحدات المراجعة الداخلية في مختلف وزارات الدولة، والثاني ليطمئن قلبي أن الندوة ستخرج بتوصيات وألا تكون مثل ندوة العام الماضي التي أعلن فيها رئيس الهيئة أنها ندوة بلا توصيات!!!!؟؟؟؟