بعد مرور ثلاثة عقود ونيف من العمل السياسي المستمر الذي عاشه وعايشه مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مراحله المتعددة من التعاون المشترك وبآليات متقدمة من لجان استشارية وكودر علمية وعملية متراكمة متناوبة ومجتمعة من تشكيلة متجانسة في محيط الأمانة العامة من كفاءات مختارة من دول المجلس الست، ومروره بأجواء ساخنة لشدة رياحها الموسمية والدائمة إقليمياً ودولياً، استشعر بشدتها وخطورتها العديد من كوادر الأمانة العامة لمجلسنا الخليجي، وارتفعت حالة الترقب بالأمل للانتقال بإستراتيجياتنا السياسية والإعلامية والاقتصادية إلى مرحلة من التقدم لأكثر من التعاون والتكامل وبلوغ مرحلة القوة والمنعة والسلام بمرحلة التحول الكامل نحو اتحادنا العربي الخليجي، وهذا هو الحس الوطني بنظرة مستقبلية شاملة لكل مرئيات السياسات الإقليمية والدولية المتنافسة حولنا، وقد اكتمل واتفق وتطابق القرار السياسي الموحد بين القيادة الخليجية الوطنية ورغبات شعبها المشترك في تاريخه وجغرافيته وجذوره القومية والمتعايشة مع الأحداث المتلاحقة في سرعتها وخطورتها وبالذات التي ترقى في خطرها المهدد لأمننا القومي ومنافعنا الاقتصادية المشتركة المؤثر على مستقبل أجيالنا القادمة. ومع قمة الكويت واجتماعات المجلس الأعلى لقادة دولنا الخليجية الرابعة والثلاثين، كان المواطن الخليجي يراقب ويترقب ولادة أمله المنتظر في اتجاه بوصلة الأفكار المطروحة نحو التوحد والاتحاد، وسيأخذ هذا المطلب الجماعي لكل أبناء الخليج سيكون البشرى المفرحة لكل مواطن خليجي حريص على الأمن والسلام والقوة لكل دولنا الخليجية الست، إلا أن البيان الختامي لقمة الكويت جاء مزيجاً من الدبلوماسية الأدبية ومتجهاً أيضاً ببوصلته السياسية نحو حالة الترحيل المستقبلي للملفات العاجلة والواجبة البت لغزارة التحديات والتحولات الإقليمية والدولية المتسارعة نحو ساحلنا الغربي والتي بالتأكيد لا تحمل علامات مميزة بين دولة وأخرى من دولنا الخليجية، وكان التمني الشعبي الخليجي أن يتطابق مع القرار السياسي لقياداتنا الوطنية بكل وضوح وشفافية، والمنسجمة مع تطلعاته وطموحاته القومية حاضراً ومستقبلاً والمؤثرة في محيط جوارنا الإقليمي والمحققة للمطلب المشترك في تحقيق حالة دائمة من السلام والاستقرار لمنطقتنا الجغرافية والتي تتعرض لمشاريع سياسية توسعية عديدة، وللأسف طغت في كواليس الاجتماعات المغلقة فرضياتوعرض جملة من الاحتمالات المحبطة لمولد حركة المطلب الشعبي في ولادة مشروع الخير والقوة والسلام باتخاذ القرار والذي تمنى كل مواطن خليجي أن يكون على رأس فقرات البيان الختامي بإعلان اتحادنا الخليجي المنتظر وبإجماع الرأي ويكون البشرى المفرحة بإعلانه لكل أبناء الأمة العربية والإسلامية كأداة للسلام والاستقرار جادة في خليجنا العربي. وجاءت فقرات البيان الختامي لقمة الكويت مزدحمة في تنويعها العسكري والأمني والاقتصادي، وجاء مشروع القطار الخليجي المشترك أكثر أهمية وإلحاحاً في تنفيذه أولاً وبعدها يسير على قضبانه الحديدية الهدف المشترك في إعلان الاتحاد ليرفع الحدود الجغرافية بين دولنا الخليجية، ولا بد من تفعيل كل البضائع المخزنة التي حفظت بملفات متراكمة منذ نشوء مجلس التعاون، ومنها الاتفاق على إعلان العملة الخليجية الموحدة والسوق الخليجية المشتركة وتوحيد القدرات العسكرية والأمنية والنظم والبرنامج للربط الإلكتروني والكهربائي المشترك وتسهيل التأشيرة السياحية بين دولنا كافة، وحسب فرضية شراء السرج قبل الحصان لتكامل العمل الخليجي المشترك فإعلانه ككيان توحيدي كونفدرالي ليشكل مظلة واسعة ينتج في ظلها كل هذه البضائع المطروحة في البيان الختامي، فالحاجة لها رافق تشكيل مجلس التعاون منذ إنشائه لأكثر من ثلاثة عقود دون إنتاجها وعرضها في سوقنا الخليجية سياسياً واقتصادياً، ويجب أن ندرك جيداً بأن الزمن متسارع لا يمكن إيقافه، فالأحداث المتلاطمة كأمواج خليجنا الغاضب متجهة نحو ساحلنا الغربي من كويتنا الغالية حتى مسقطنا المعطرة، ولا بد أن ندرك قيادات وشعوباً أن مسؤوليتنا مشتركة أمام الأحداث المتوقعة في محيطنا الإقليمي والدولي، ولا بد التجهيز لها بتركيز مصادر قوتنا العسكرية والاقتصادية المحصنة بدبلوماسية عالية ضمن إطار اتحادنا الخليجي المنتظر والذي يشكل الحصن المتين لسيادة أوطاننا وكرامة شعبنا العربي الخليجي وملائمته لمناخ العولمة والتكتلات الإقليمية والدولية، ولنجدد موقعنا الجغرافي المناسب في عالمنا الحاضر مع الاسترشاد والاتعاظ بمسيرة تاريخنا الإسلامي في المشرق وبلاد الأندلس، ومن البديهي دائماً أن في الاتحاد قوة!