يتوهم من يقول إننا في حالة ازدهار شعري غير مسبوق بناء على ما يراه من كثرة من يكتبون الشعر أو يتوهمون أنهم كذلك فالشعر ليس وزنا وقافية و(رص كلمات) وما تيسر من المعنى فهذا في متناول الجميع والمشكلة أن يظن من لا يملك إلا النزر اليسير من مقومات الشعر أن هذا هو الشعر، قد أعذر المبتدئ الذي يحتاج إلى الاطلاع والممارسة والمجالسة أن تكون أدواته قليلة ولكن لا أعذر من أمضى ردحا من الزمن وهو على ما هو عليه من تهلهل في السبك وضياع للمعنى وخلل في التسلسل وفقر في الصورة والإدهاش والذي سيؤدي حتما إلى عدم البقاء في الذهن والوجدان.
ولنفترض جدلا أن أحدهم تجاوز كل ما ذكرناه فالطموح لا يجب أن يتوقف فهناك ما لا يقل أهمية وهو هوية الشاعر وبصمته الخاصة التي لا يجب أن تتطابق أو تتشابه مع شاعر آخر سبقه أو عاصره فالانعتاق من التبعية والتقليد وأحيانا محاولة المطابقة هو إخفاق بحد ذاته إذا لم يتنبه إليه الشاعر جاء شعره إما تشويها لتجربة من سبقه أو مطابقا أو مقاربا له والمتلقي ليس بحاجة إلى صورة مكررة من فلان فالهوية الخاصة تُبقي الشعر وصاحبه في منزلة خاصة على قدر استقلاليته وتميزه وإدهاشه الخاص.
وقفة:
الشِعرُ صَعبٌ وَطَويلٌ سُلَّمُه
إِذا اِرتَقى فيهِ الَّذي لا يَعلَمُه
زَلَّت بِهِ إِلى الحَضيضِ قَدَمُه
يُريدُ أَن يُعرِبَهُ فَيُعجِمُه