حينما أنشئ مجلس التعاون الخليجي كانت الآمال والتطلعات فرحة ومستبشرة في ضم دوله الست تحت مظلمة تقيه من لفح السموم والرياح التي تكاد أن تعصف بأمنه وأمانه وسلامة موطنيه وأراضيه مجتمعة. ولكن هذه الآمال والطموحات لم تكن بمستوى المتوقع فيما خالف الواقع الراهن حالياً.. أربعة وثلاثون عاماً من عمر مجلس التعاون الخليجي ولازال يراوح مكانه. مجرد قمم رسمية واستثنائية والنتيجة كمن يزرع بأرض سبخا, بمعنى أزرع هواء غمر ماش. حتى أن المواطن الخليجي سئم مجرد سماعه عقد قمة خليجية, ويكاد يجزم بأن الاختلاف سيكون نهايتها. هاتوا لي قمة من بين هذه القمم الخليجية أثبت مفعولها على أرض الوقع.. وها هي قمة الكويت الأخيرة أسفرت عن لا اتفاق بل اختلاف وانشقاق، تبنته دولة خليجية نأت بنفسها عن قيام اتحاد خليجي.
دولة الكويت, حاولت جاهدة لاستقطاب قرار جماعي في قيام اتحاد خليجي لأهمية قيامه على وجه السرعة, لما تمر به منطقة الخليج من مخاطر تهدد كيانات دوله الست، خصوصا من جارته الفارسية المثيرة للجدل البيزنطي للهيمنة على دوله، فيما تقوم بأعمال خسيسة ودسيسة, ناهيكم عن تدخل أمريكا والغرب في المنطقة العربية، الأمر الواضح جليا في الاحتضان الأمريكي لإيران على حساب دول الخليج.
فمن هذا المنطلق لا تزال المخاوف كثيرة وكبيرة على أمن الخليج.. الأمر الذي استدعى قيام اتحاد خليجي.. لدرء المخاطر المحدقة به من كل جهة.. ومع ذلك لازالت الشكوك بين بعض دول مجلس التعاون هو من منطلق مخافة هيمنة الأخ الكبير على الآخر الصغير.. دولة خليجية لها وجهة نظر مختلفة معارضة لقيام اتحاد خليجي وهو ما كشف عنه الغطاء في قمة الكويت الأخيرة في عرقلة قيام اتحاد خليجي... وأحسب أخرى خليجية لها موقف مغاير في قيام اتحاد خليجي. بمثل مواقفها الغرائبية تجاه شقيقاتها.. وهذا لا يحتاج إلى تكهن أو تفسير فيما هو متعود عليه. فيما تقوم به من تنغيص وكدر لدولة خليجية جارة لها..
وفي تصوري أن قيام اتحاد خليجي يعد مصدر قوة وعزة ومهابة لدوله الخليجية من الناحية الأمنية. وانفتاح مستقبلي على بعضه البعض بكل ما يشتمل من إجراءات وتسهيلات مسعدة لمواطنيه الخليجيين, دون المساس بجوهر أنظمته دوله التنفيذية والتشريعية والقضائية, فكل دولة من دوله لها حريتها واستقلاليتها فيما تراه متوافقا مع مكانتها وكيانها التي بنيت عليه.
لذلك أعتقد جازما بأن المواطن الخليجي بحاجة إلى قيام هذا الاتحاد الخليجي؛ لدرء المخاطر عنه في أمنه الذي هو في الأساس مصدر راحته وطمأنته، ولا زال ينظر بترقب يشوبه الأمل في قيام اتحاده.. ونبذ سبل الفرقة والاختلاف بين ساسة دوله، فإن الأوضاع العربية غير مطمئنة فيما يحدث حالياً بدولنا العربية المهددة في كياناتها ومكوناتها. فقيام اتحاد خليجي من عثرته وإبرازه لحيز الوجود مصدر عزة ومهابة لأي اعتداء يطرأ على دوله.. وكل ما هناك لا يراد منه اتحادا على غرار الاتحاد الأوربي. وإنما اتحاد خليجي يدرأ عنه مخاطر قد تتكالب عليه, وساعة إذ لا ينفع الندم من التأخر من قيامه.. فهل سيستقيم حال قيام اتحاد خليجي من عثرته؟.. هذا ما يا مله الجميع على كل حال.