أصبحنا أسارى لتلك الاجهزة التي تقبض عليها اليد الواحدة، عندما يرن معلنا قدوم رسالة تقوم الاصابع بآلية إلى فتح الجهاز لقراءة ما وصل للتو مهما كان انشغال البعض، اقتحمت جلساتنا العائلية فشتت العائلة فهم مجتمعون لكن عقولهم شتى! وبغض النظر عن المحتوى فإن الفكاك من التكنولوجيا بشكل عام وجهاز الهاتف النقال بشكل خاص اصبح مستحيلاً، فالجهاز النقال مثلاً أصبح مرسلاً ومستقبلاً للبريد، وبهذا قضى على البريد التقليدي وسرح موظفيه كما حصل في كثير من البلدان!.
ورغم ان هذا الجهاز له فوائد كثيرة إلا أنني اكتشفت أنه أكبر واش وناقل للنميمة والغيبة بسرعة لا تضاهيها سرعة النمامين التقليديين! وهو يفسد الكثير من العلاقات ويوترها بما ينقله من مواضيع لم تكن قبله بنفس السهولة واليسر!.
ولقد كتبت في مقال سابق عن النكت على الزوجات ومضارها الاجتماعية، كما كتبت عن النقد السلبي وليس البناء لكل قيمنا الجميلة ومقارنتنا بغيرنا مقارنة ظالمة ظاهرها النكتة وباطنها تهشيم قيم المجتمع والحط من منزلة المجتمع مقارنة بغيره، ومن يكتب تلك المواضيع لا يعي إلى أين تصب ولا يهمه ذلك!!.
وما استثارني لكتابة هذا المقال ليس بعيداً عن الموضوع، فيتم أحياناً عبر (الواتس أب) تداول بعض المقالات الملفقة والمنسوبة كذباً لبعض الكتاب المعروفين والتي بكل أسف تحاول المساس بوحدتنا وتلفيق التهم لرموز دينية أو سياسية أو تنال من مناطق أو قبائل أو غيرها، مستغلة إدمان الكثيرين على النسخ والتحويل والإرسال دون تمحيص ودون معرفة أن ما يفعله من إعادة ارسال هو أمر صحيح ام خطأ! وهل نقل نميمة أو غيبة أم لا؟! ولقد اشتهر قبل فترة مقال تم تلفيقه لاحد الكتاب المعروفين ينال فيه كذباً من أهل منطقة من مناطق المملكة وحصل على تعليقات مختلفة طالت غالبية المناطق!! مما يعني ان هناك من صاغ المقال لهدف محدد وهو إثارة النعرات والعنصريات القبلية والمناطقية، وبعض القراء ينساقون بشكل عفوي وراء كذبة المقالات المكذوبة رغم أن المنطق والعقل المتزن لا يصدق ان ينشر أي كاتب مقالا يتنافى مع أبسط قيم ونزاهة القلم وشرف الكتابة ومحبة الوطن، لكنها وسيلة أصبحت مكشوفة يستخدمها بعض الموتورين لنشر ما يريد من اكاذيب يبث من خلالها أفكاره المسمومة، والتي لو نشرها بدون اسم أو باسمه الصريح لما اصبح لها نفس الانتشار! مقالات متنوعة ورسائل في مواقع التواصل الاجتماعي همها اثارة الفتنة والنفخ في التذمر الذي وصل عند البعض إلى حالة مرضية، فهو لم يعد يرى إلا السلبيات فطمس على قلبه وعميت عيناه وخرس لسانه عن كل نعمة يرفل بها مخالفاً قول الله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (11) سورة الضحى.