حين يصل قطار الألم أبعد محطاته.. وتزحف قوافل الحزن بكل جلبتها وجبروتها إلى أعمق آنة بالجرح.. حين تفقد الأغصان أوراقها والورد أريجه وتصبح الدمعة سجينة العين تطل بوجل واستحياء تترقب لحظة الإفراج لتنطلق كجمرة حارقة فوق الوجنة لهيبها عذابات قلب وذبول حلم.. حين يحدث كل هذا وأكثر فاعرف أنك أمام حالة إنسانية موغلة في الجرح والألم اسمها الفراق.
آلاف القصائد والقصص والروايات والخواطر والكتابات واللوحات الفنية والكثير من الأعمال الإبداعية حاولت الإحاطة بهذا الوحش الكاسر الذي يخشاه الكثيرون ولم يسلم من أنيابه إلا القلة.
الفراق هو الفصل الأخير والمفاجىء والمؤلم من مسرحية جميلة تذوب في فصولها.. تكتبها أنت بمشاركة طرف آخر تختاره أو يختارك لافرق.. أنتما من يخرجها ويتفرج عليها ويصنع أحداثها ومن حيث تعلمون أو لا تعلمون ينفلت النص ويتمرد المخرج عليكما ويذهب من الجميل الذي تريدون إلى البعيد الذي لاتتوقعون لأسباب بعضها معلوم وبعضها غامض يصعب فهمه..حيث يصبح القرب مجرد ذكرى تلوح في أفق الذاكرة كلما برق الحنين وأمطر الشوق.
الشعر الشعبي زاخر بقصائد الفراق أوالفرقى والهجر والنوى كما يسميه الكثيرون وهي قصائد دامعة وصادقة وصادرة من القلب رغم ظلال المبالغة الذي يتغلغل في الكثير منها لكنها مبالغة جميلة نابعة من أقاصي الجرح وهول الموقف.. وبعيدا عن منطقية أسباب الفراق ومعقوليتها إلا أن الحدث بذاته يستدعي كل أدوات الشاعر ومخزونه الثقافي والمعرفي ويفتح له أبواب واسعة للعزف والنزف !.
الفراق أو الفرقى حالة وجدانية إنسانية مؤلمة يتحاشها الكل.. لكن الكثيرين يقعون بها لامحالة !.. وهي للشعراء والمبدعين مساحة خصبة للبوح الشجي الباكي رغم قسوتها وعذاباتها.
خطوة أخيرة:
لـ(بدر بن عبدالمحسن)
كأنها الفرقى طلبتك حاجتين
لاتعلمني.. ولاتكذب علي