من المحزن جدا في مجتمعاتنا العربية أننا نعتز جدا بالتقارير والأبحاث التي تصدر من البيوت الاستثمارية العالمية، ولا سيما تلك التقارير التي يقف وراءها الرجل الأشقر ذو العيون الزرقاء. فأي شيء إيجابي يقوله لنا نمجده ونفتخر به عند رؤسائنا. وأي شيء سلبي، نحاول إخفاءه عن الوجود، بالرغم من استحالة ذلك في ظل المتغيرات الحالية. ليس هذا فقط، بل حتى العباقرة والموهوبين من أبنائنا العرب لا نعترف بهم و لا «نعطهم بالاً» حتى يعترف «الغرب المقدس» بهم. طرق الاعتراف كثيرة فإما بالجوائز أو بالمقابلات الصحفية. بدوري سأحاول أن ألعب دور الناصح الأمين غير المعترف به, بوجهة نظر قومنا, حتى يقرَ الغرب الأطروحات التي سأطرحها حول الوضع الحالي للنظام الضريبي الخاص بالصكوك في السعودية !
أستميح العذر من هيئة سوق المال وذلك عبر ذكرها مرة أخرى في هذه الزاوية. الذي أعرفه, وأتمنى أن تصححني الهيئة فيه, أن هناك ضريبة تدفع على أرباح أصول الصكوك التي يملكها المستثمر الأجنبي. وبسبب ذلك نرى جميع الإصدارات السعودية التي تشرف عليها الهيئة خاصة بالمستثمرين المحليين (والسبب في ذلك عدم وجود ضريبة عليهم). تساؤلات عديدة دارت في مخيلتي وأنا أقرأ الدراسة البحثية المعنونة بـ«إعداد نظام ضريبي متفق مع نُظم التمويل الإسلامي بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا». الدراسة تمت برعاية هيئة مركز قطر للمال وبمشاركة من المركز الدولي للضرائب والاستثمار الذي يقع مقره في العاصمة واشنطن. فحوى الدراسة هو أن تركيا وهيئة مركز قطر للمال هما الهيئتان الوحيدتان اللتان تمتلكان نظاما ضريبيا يُمكن المستثمرين من إجراء تعاملات الصكوك من دون تكاليف ضريبية باهظة.
وكما جرت العادة نحاول أن نستشهد بما يقوم به جيراننا الخليجيون. فقد تم منح وزارة الاقتصاد القطرية حق إنشاء شركتين متخصصتين في إصدار الصكوك وإبرام الاتفاقيات ذات الصلة مع هاتين الشركتين مع إعفائهما من الضرائب ورسوم التسجيل المتعلقة بنقل ملكية الممتلكات العقارية المتصلة بإصدارات الصكوك. الهدف من ذلك هو أن هاتين الشركتين ستتولان عمليات الإصدار للصكوك السيادية التي ستأخذ الأموال من المستثمرين الأجانب ومن ثم استخدامها لدعم مشاريع البنية التحتية.
السؤال الذي سأحاول صياغته بطريقة أخرى هو كيف يمكن لهيئة سوق المال أو أي جهة سعودية إشرافية معالجة جوانب القصور في النظام الضريبي الخاص بالصكوك. وهنا علي أن أوضح أن السعودية لا تملك تشريعات خاصة بالصكوك ولاسيما تلك المتعلقة بالجانب القانوني والضريبي والشركة ذات الأغراض الخاصة (SPV ). هناك حلول لذلك: إما أن تتبع الطرق التقليدية كالجان وما تحمله من بيروقراطية أو التعلم من تجارب الآخرين كماليزيا على سبيل المثال.