في دول العالم ولاسيما المتصفة في العالم بدول العالم الثالث تجد الوزير يستمر فترة طويلة في منصبه دون تغيير، ولو كان الأمر بيده لعمل المستحيل من أجل استمراره بصرف النظر عما قدمه من أعمال وإنجازات والتي تفسر عند المتخصصين في علم الإدارة بحثه عن ذاته ومصالحه الشخصية و(البرستيج) الذي يتيحه له المنصب، هذا هو السائد في دول العالم الثالث، كما أسلفت، بينما في الدول المتقدمة غالباً تجد الوزير يهمه بالدرجة الأولى الإنجازات المطلوب تحقيقها أثناء تقلده للمنصب والتي تعتبر محور اهتمامه والأمور الأخرى لا يعيرها أي اهتمام، فتجده يحمل أغراضه الشخصية أثناء قدومه وانصرافه للعمل بنفسه، كذلك يقود سيارته ويذهب إلى الأسواق لشراء أغراض المنزل وحاجاته الشخصية بنفسه ويعتبر هذه الأمور جزءاً من ممارساته وحياته اليومية بل إلى أبعد من ذلك تعتبر عند أبناء وطنه أمراً مألوفاً، وهنا يتساءل المرء عندما يقارن أنماط الإدارة في الغرب وأنماط الإدارة في مجتمعنا العربي والإسلامي يجد هناك اختلافاً شاسعاً بالرغم أن مقومات الإدارة في مجتمعنا الإسلامي لديها مرتكزات وقيم لو فعلت في التعامل الإداري لكانت هي السباقة في التطبيق في ميادين الحياة بدون استثناء، فالإيثار من قيم ديننا الإسلامي الحنيف لقول الله: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}. إتقان العمل لابد أن تكون الجودة حاضرة فيه لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في معنى الحديث( إذا أسند إليكم عمل فأتقنوه) وقبل هذا وذاك الآية الجامعة التي فيها العمل والجد والتي تنتهي إلى رؤية الله لهذا العمل: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} هذا هو ديننا الذي قدم مرتكزات للحضارة في العقود الماضية والحاضرة من خلال الإنسان، فالأنبياء ولاسيما الرسل منهم رسخوا ما أمرهم الله به من مثل وقيم ترسم مسار الحياة للبشرية، فكل واحد من هؤلاء الرسل أتى لحقبة زمنية محددة والتي انتهت لخاتم الأنبياء نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم- الذي جعل الدين الإسلامي منهجاً وسلوكاً للبشرية كافة {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}، هذه الرحمة شاملة لحياة الإنسان وتعاملاته في هذه الحياة التي تحقق له السعادة في الدنيا والآخرة وعلى كافة الأصعدة فالإدارة وفنونها هي سلوك يمارسه الإنسان متى ما تفاعل مع محتواه بجدية واحتساب، هده إحقاق الحق مخافة من الله في كل موقع يكرمه الله فيه شرف القيادة ومن بينها الوزارة التي أتحدث عنها في هذه المقالة التي أصبحت في مجتمعاتنا الإسلامية لا ترتقي وتتماشى مع مرتكزات ديننا الحنيف ممارسة وإنتاجاً، بل أصبحت عند بعضهم (برستيجاً) وتشبثا ضارباً عرض الحائط بكل الانتقادات التي توجه إليه في أدائه لوزارته وتناسي القيم الحضارية التي يزخر بها ديننا الإسلامي الحنيف والتي نجدها تمارس في بعض الدول الآسيوية والغربية، والأمثلة على ذلك كثيرة فتجد رئيس وزراء أو وزير ترتكب بعض التجاوزات من قبل موظف منسوباً إلى وزارته فلا تجد منه إلا وينسب ذلك إليه مباشرة ويقدم استقالته من وظيفته علماً بأنه لم يتحمل المسئولية بشكل مباشر ولكن هذه ثقافة ممارسة ومألوفة يحس بها المواطن وهي أيضاً التي تقود إلى الإصلاح والبناء الذي نفتقده في العالم الثالث، فمتى يكون لدينا الوزير والمسئول المبادر إلى القرار الشجاع الذي يجسد الوطنية في أعلى درجاتها، ويعلن فيه تخليه عن منصبه وينسب إلى ما حصل في وزارته من إخفاقات وقصور إليه.
وهذا ما نتمناه وبالله التوفيق ..
والله من وراء القصد.