ربما يكون الرئيس الأمريكي باراك أوباما مصداقاً للمقولة المتداولة في عالم الساسة، والسياسة من أنه ليس بالضرورة أن يكون المثقف حاكما جيدا، فالتعامل مع البشر، وقضاياهم، ومع القضايا السياسية المعقدة يعتبر فنا قد يتقنه من لا يجيد القراءة، والكتابة، وقد يخفق فيه المثقف المثالي، لأن الحكم ليس نظريات تحفظ، أو مسائل معقدة تحتاج للفطنة المعرفية، والتعليم، بقدر ما هو أمر يحتاج للدهاء الفطري، وهو الأمر الذي لا علاقة له بالتعليم، والثقافة، والفكر، وتروي لنا كتب التاريخ أمثلة حية عن زعماء دخلوا التاريخ من أوسع أبوابه، مع أنهم كانوا من بسطاء الناس علما، ومعرفة، وعن آخرين أخفقوا، مع أنهم نهلوا من معين الكتب، وتربوا على أيدي أمهر المعلمين في زمانهم.
كل الدلائل، والاستطلاعات تشير إلى أن أوباما لا يحظى حالياً بمعشار الشعبية التي كان يحظى بها عندما تم انتخابه، وليس انحسار شعبيته مقصورا على الخارج، الذي عول عليه كثيرا، خصوصا في عالمنا العربي، ولكن أيضا في الداخل الأمريكي، إذ إن شعبيته تتآكل بشكل كبير، والكل يعلم أن فوزه بفترة رئاسية ثانية، في 2012، لم يكن نتيجة لشعبيته، أو تميزه في فترة رئاسته الأولى، بقدر ما كان سوءا في منافسه الجمهوري، وغني عن القول: إن الحزب الجمهوري يعيش أسوأ مراحله التاريخية، ولا زال عاجزا عن تقديم مرشح مقنع للانتخابات الرئاسية القادمة، في 2016.
السياسة الأمريكية ترسم بعناية فائقة لعقود مقبلة، والرئيس يعتبر جزءا من لعبة السلطة، ولكن الرئيس الحاذق يستطيع أن يصنع فارقا، وكان المتوقع أن يكون أوباما واحدا من هؤلاء الرؤساء الذين صنعوا تاريخا، من شاكلة مثله الأعلى، الرئيس التاريخي، إبراهام لينكولن. هذا، ولكنه أخفق حتى الآن في كثير من القضايا التي تبناها، بدءا من دعمه اللامحدود لتنظيم الإخوان المسلمين العالمي للوصول إلى السلطة في عالمنا العربي، وليس انتهاء بفتور العلاقات الأمريكية مع أقرب حلفائها، مثل المملكة العربية السعودية، خصوصا وأن المملكة رقم صعب في خريطة السياسة العالمية، وهذا تحديدا ما يتحدث عنه الإعلام الأمريكي هذه الأيام، فالسؤال يتكرر: متى تنتهي فترة حكم الرئيس أوباما؟!، وهذا ليس أمرا جيدا للأمريكيين من أصل أفريقي، ولا لأوباما ذاته، فهل يا ترى سيتدارك باقي فترة رئاسته الثانية، أم أنه سيواصل ذات النهج، ما يعني أنه ربما سيصبح أول، وآخر رئيس أمريكي من أصول إفريقية؟!!